باب ما جاء في كراهية بيع الحيوان بالحيوان نسيئة1
سنن الترمذى
حدثنا أبو موسى محمد بن مثنى قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة» وفي الباب عن ابن عباس، وجابر، وابن عمر. حديث سمرة حديث حسن صحيح، وسماع الحسن من سمرة صحيح هكذا قال علي بن المديني، وغيره، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وهو قول سفيان الثوري، وأهل الكوفة، وبه يقول أحمد، وقد رخص بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وهو قول الشافعي، وإسحاق
البُيوعُ وأحكامُها مِن المسائلِ اليوميَّةِ المهمَّةِ التي بيَّنَتِ الشَّريعةُ أُسُسَ التَّعامُلِ الصَّحيحةَ فيها بينَ النَّاسِ.
وفي هذا الحديثِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "نَهى عن بيعِ الحيَوانِ بالحيوانِ نَسيئةً"، وروى أحمدُ وأبو داودَ عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ، رضي اللهُ عنهما قال: أمَرني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن أبعَثَ جيشًا على إبِلٍ كانت عِندي، قال: فحَملتُ النَّاسَ عليها حتَّى نَفِدَت الإبِلُ، وبَقِيَت بقيَّةٌ مِن النَّاسِ لا ظهرَ لهم، قال: فقال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "ابْتَعْ علينا بقَلائِصَ مِن إبلِ الصَّدقةِ إلى محلِّها حتَّى نفَذ هذا البعثُ"، قال: فكنتُ أبتاعُ البَعيرَ بالقَلوصَين والثَّلاثِ مِن إبلِ الصَّدقةِ إلى محلِّها، حتى نفَذ ذلك البعثُ، قال: فلمَّا حلَّت الصَّدقةُ أدَّاها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. وعلى هذا يكونُ المرادُ بالنَّهيِ عن بيعِ الحيوانِ بالحيوانِ نَسيئةً، أن يَكونَ نسيئةً مِن الجانِبَين، مثلُ أن يَقولَ المشتري للبائعِ: بِعْني جمَلًا في ذِمَّتِك إلى شهرٍ، بجمَلٍ في ذمَّتي إلى شهرٍ.
والنَّسيئةُ: التأخيرُ والتأجيلُ في التَّسليمِ بين المتبايعَينِ، والمعنى: أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم نَهَى عن بيعِ الحيوانِ بحيوانٍ مِثلِه مؤجَّلًا، فلا يُؤخَذُ أحَدُ طرَفَيِ البَيعِ حيَوانًا ويُؤجَّلُ الحيوانُ الذي سيُعْطى في مُقابلِه، بل يَنبَغي أن يكونَ البيعُ ناجِزًا يدًا بيدٍ، مثل: أن يَأخذَ هذا فرَسًا في مُقابلِ جَملٍ مثَلًا، أو يَبيعُ فرَسًا أو جمَلًا كبيرًا بجَملَينِ صَغيرَينِ، وهكذا؛ فيَتِمُّ التَّسليمُ والاستِلامُ في الحالِ، وليسَ في الذِّمَّةِ مُؤجَّلًا، ولعلَّ عِلَّةَ هذا النهيِ: عدَمُ وجودِ المماثلةِ، ولأنَّه غير موقوفٍ عليه؛ ففيه جهالةٌ.