‌‌باب ما جاء في كراهية بيع الولاء وهبته

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في كراهية بيع الولاء وهبته

حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سفيان، وشعبة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وهبته»: هذا حديث حسن صحيح، لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر، والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم وقد روى يحيى بن سليم هذا الحديث، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه، نهى عن بيع الولاء وهبته وهو وهم وهم فيه يحيى بن سليم، وروى عبد الوهاب الثقفي، وعبد الله بن نمير، وغير واحد، عن عبيد الله بن عمر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أصح من حديث يحيى بن سليم
‌‌

وَلاءُ العبدِ يكونُ للَّذي أعْتَقَه، اعتَبَرَه الإسلامُ عَلاقةً ورابطةً كعَلاقةِ وَرابطةِ النَّسبِ.
وفي هذا الحديثِ يَنْهى النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم عن بَيعِ الوَلاءِ وعن هِبتِه، والوَلاءُ مِن الحُقوقِ الَّتِي تَثبُتُ بالعِتْقِ، وقد كانوا في الجاهليَّةُ يَنقُلون الوَلاءَ بالبَيعِ وغيرِه، فنَهى الشَّرعُ عن ذلك، وصُورتُه: أنْ يُعتِقَ رَجُلٌ عبدًا، فيُصبِحَ هذا العبدُ حُرًّا، ولكنْ يَبْقَى وَلاؤُه لِمَنْ أَعْتَقَه، ولهذا الوَلاءِ حُقوقٌ، ومِن أهَمِّها حَقُّ المِيراثِ، فإذا مات العبدُ بعْدَ أنْ أُعتِقَ، وكان له مال، ولم يكُنْ له وارِثٌ؛ فإنَّ الذي أعْتَقَه يَرِثُه بالوَلاءِ، فالوَلاءُ كالنَّسَبِ، ولذا نَهى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن بَيْعِ هذا الحقِّ بمُقابلٍ أو هِبَتِه بدُونِ مُقابلٍ؛ لأنَّه كالنَّسَبِ، فكما أنَّ النَّسَبَ لا يُباعُ ولا يُوهَبُ، فكذلك الوَلاءُ.

ولأنَّ الحرِّيَّةَ تُعَدُّ مِن أعظَمِ النِّعَمِ؛ فالمُعتِقُ تَفضَّلَ بأنْ أعتَقَ العبدَ الَّذي اشتَراهُ، فيكونُ له الولاءُ؛ لأنَّه مُختَصٌّ بالإنعامِ عليه، فلا يكونُ لأحَدٍ بعدَه.
وفي الحديثِ: رِفْقُ الإسلامِ بالعَبِيدِ ورَحمتُه بهم؛ حيثُ مَنَع أنْ يَهَبَ السَّيِّدُ وَلاءَ عبْدِه له لأحدٍ أو أنْ يَبِيعَه.