‌‌باب ما جاء في ليلة القدر1

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في ليلة القدر1

حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني قال: حدثنا عبدة بن سليمان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: «تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان» وفي الباب عن عمر، وأبي، وجابر بن سمرة، وجابر بن عبد الله، وابن عمر، والفلتان بن عاصم، وأنس، وأبي سعيد، وعبد الله بن أنيس، وأبي بكرة، وابن عباس، وبلال، وعبادة بن الصامت.: حديث عائشة حديث حسن صحيح، وقولها: «يجاور» يعني: يعتكف وأكثر الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «التمسوها في العشر الأواخر في كل وتر»، «وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر أنها ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، وآخر ليلة من رمضان».: قال الشافعي: " كأن هذا عندي والله أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجيب على نحو ما يسأل عنه، يقال له نلتمسها في ليلة كذا؟ فيقول: «التمسوها في ليلة كذا». قال الشافعي: «وأقوى الروايات عندي فيها ليلة إحدى وعشرين».: وقد روي عن أبي بن كعب أنه: " كان يحلف أنها ليلة سبع وعشرين، ويقول: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلامتها فعددنا وحفظنا "، وروي عن أبي قلابة أنه قال: «ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر،» حدثنا بذلك عبد بن حميد قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة بهذا
‌‌

ليلةُ القَدْرِ خيرٌ من ألْفِ شَهرٍ؛ فهي ليلةٌ من أشرفِ اللَّيالي، فيها تكونُ الحسناتُ مُضاعَفةً، وتُكفَّرُ فيها السيِّئاتُ، وهي ليلةٌ مُباركةٌ من ليالي رمضانَ؛ وسُمِّيتْ "ليلة القَدرِ"؛ لعَظيمِ قَدْرِها وشرَفِها. وقيلَ: لأنَّ للطاعاتِ فيها قدْرًا. وقيل غيرُ ذلك.

ومِن حِكمةِ اللهِ تعالى أنَّه أَخْفاها عنِ الناسِ؛ لكي يجتَهِدوا في الْتِماسِها في الليالي، فيُكثِروا مِن العِبادةِ التي تعودُ عليهمْ بالنَّفعِ.
وفي هذا الحديثِ تقولُ عائِشةُ رضي الله عنها: إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، قالَ: "تَحَرَّوْا"، أي: ابْذُلوا جُهدَكم وحِرصَكم في طلَبِ ليلةِ القدرِ، وهِي في الوَتْرِ، أي: في الليالي الوَتْريَّةِ، وهيَ: الحادِيةُ والعِشرونَ، والثالثةُ والعِشرونَ، والخامِسةُ والعِشرونَ، والسَّابعةُ والعِشرونَ، والتاسعة والعِشرونَ مِنَ العَشرِ الأَواخِرِ من رَمضانَ، وهيَ آخِرُ عَشَر ليالٍ مِن رمضانَ دُونَ أن تُحدَّدَ ليلةٌ بعَينِها.
وفي الحديثِ: الحثُّ على تَحرِّي ليلةِ القَدْرِ واغتنامِها بالأعمالِ الصَّالحةِ؛ لِمَا فيها مِن زِيادةِ الفَضلِ والأَجرِ.