باب ما جاء فيمن يطلب بعلمه الدنيا
سنن الترمذى
حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلي البصري قال: حدثنا أمية بن خالد قال: حدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة قال: حدثني ابن كعب بن مالك، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من طلب العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار»: «هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وإسحاق بن يحيى بن طلحة ليس بذاك القوي عندهم، تكلم فيه من قبل حفظه»
وفي هذا الحديثِ يقولُ حُذيفةُ بنُ اليمانِ رضِيَ اللهُ عنهما: سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: "لا تَعَلَّموا العلْمَ لِتُباهوا به العُلماءَ"، وهذا نهْيٌ عن طلَبِ العلْمِ وتعلُّمِه مِن أجْلِ المُفاخَرَةِ والمُباهاةِ أمامَ العُلماءِ، وهذا عكْسُ المطلوبِ مِن المرْءِ بأنْ يعرِفَ للعُلماءِ حقَّهم وتقديرَهم واحترامَهم، "أو لِتُماروا به السُّفهاءَ"، أي: لتُخاطِبوا وتُجادِلوا به السُّفهاءَ، "أو لِتَصْرِفوا وُجوهَ النَّاسِ إليكم"، أي: لِتَلْفِتوا إليكم أنظارَ النَّاسِ؛ ليُشارَ إليكم ويُنْظَرَ إليكم مِن أجْلِ المِراءِ والتَّعاظُمِ، "فمَن فعَلَ ذلك فهو في النَّارِ"، أي: فجزاؤه أنَّه في النَّارِ؛ لأنَّه لم يُخْلِصْ في طلَبِ العلْمِ ولم يجعَلْه خالصًا لوجْهِ اللهِ تعالى، وهذا مِن الوعيدِ الشَّديدِ لِمَن فعَلَ ذلك، وقد قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كما في الصَّحيحينِ: (إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ)، فليكُنْ قصْدُ طالِبِ العِلْمِ رفْعَ الجهْلِ عن نفْسِه، وتَعليمَ النَّاسِ ودعوتَهم إلى اللهِ، وفي سُنَنِ أبي داودَ وابنِ ماجَه، عن أبي هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَن تعلَّمَ علْمًا ممَّا يُبْتَغى به وجْهُ اللهِ، لا يتعلَّمُه إلَّا لِيُصيبَ به عرَضًا مِن الدُّنيا، لم يجِدْ عَرْفَ الجنَّةِ يومَ القيامةِ"، أي: لم يجِدْ رِيحَها. ...