باب ما جاء فيمن يقتل نفسا معاهدة
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا معدي بن سليمان هو البصري، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا من قتل نفسا معاهدا له ذمة الله وذمة رسوله، فقد أخفر بذمة الله، فلا يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا» وفي الباب عن أبي بكرة: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح، وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
أمَرَ اللهُ تَعالى بالوَفاءِ بالعُهودِ، فقال: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل: 91]، ولِأجْلِ ذلك تَوعَّدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في هذا الحَديثِ مَن قَتَلَ مُعاهَدًا -وهو مَن يَدخُلُ إلى دارِ الإسلامِ بأمانٍ- بأنَّه لم يَرِحْ رائِحةَ الجَنَّةِ، أي: لا يَشَمَّ رِيحَها، وإنَّ رِيحَها يَكونُ على بُعدِ مَسيرةِ أربَعينَ عامًا، وعِندَ التِّرمِذيِّ مِن حَديثِ أبي هُرَيرةَ: أنَّ رِيحَ الجَنَّةِ يُوجَدُ مِن مَسيرةِ سَبعينَ خَريفًا. ورُويَ غَيرُ ذلك، وجُمِعَ بأنَّ ذلك بحَسبِ اختِلافِ الأشخاصِ والأعمالِ، وتَفاوُتِ الدَّرَجاتِ، فيُدرِكُها مَن شاءَ اللهُ له مِن مَسيرةِ ألْفِ عامٍ، ومَن شاءَ مِن مَسيرةِ أربَعينَ عامًا، وما بيْنَ ذلك، ويَحتَمِلُ أنْ يَكونَ المُرادُ مِنَ الكُلِّ طُولَ المَسافةِ وبُعدَها، لا تَحديدَها.
وفي الحَديثِ: التَّحذيرُ مِن خِيانةِ العُهودِ مع غَيرِ المُسلِمينَ.
وفيه: أنَّ الجَنَّةَ تَكونُ لِلأوْفياءِ وغَيرِ الغادِرينَ.