باب من أعتق عبدا واشترط خدمته
سنن ابن ماجه
حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي، حدثنا حماد بن سلمة، عن سعيد بن جمهان
عن سفينة أبي عبد الرحمن، قال: أعتقتني أم سلمة فاشترطت علي أن أخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - ما عاش (1)
في هذا الحديثِ بيانٌ لعِتْقِ العبدِ، وتعليقِ عِتقِه بشَرْطٍ؛ كأَنْ السيِّدُ يُعتِقَ عَبدًا ويَشترِطَ عليه خِدمتَه شهرًا بعدَ العتقِ؛ وفيه أنَّ سَفينَةَ رَضِي اللهُ عنه كان مَملوكًا لأمِّ سَلمةَ، أي: مَولًى لها، فقالَت له: "أُعتِقُك وأشتَرِطُ عليك أن تَخدُمَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم ما عِشْتَ"، أي: أريدُ أن أُعتِقَك، لَكِن بشَرطِ: أن تَخدُمَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم مُدَّةَ حياتِك، وتَعليقُ العِتقِ بشَرطٍ محدَّدٍ معلومٍ لا شيءَ فيه، أمَّا إذا كان الشَّرطُ مؤبَّدًا فإنَّ هذا يُنافي مُقتَضى العِتْقِ.
فقال لها سَفينةُ: "وإن لم تَشتَرِطي عليَّ ما فارَقتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم ما عِشتُ"، أي: إنَّ هذه أُمنيَّتي؛ فلَن أُفارِقَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم ما عِشتُ؛ لأنَّ مُرافقةَ الرَّسولِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم ومُلازمَتَه شرَفٌ كبيرٌ لِمَن يَحصُلُ له، والصَّحابةُ كانوا يتَنافَسون في ذلك ويَحرِصون على خِدمتِه صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم؛ لِمَا في ذلك مِن الصِّلةِ الوثيقةِ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم والشَّرفِ والنَّعيمِ والفضلِ.
ثمَّ قال: "فأعتَقَتْني، واشتَرطَتْ عليَّ"، أيِ: اشترطَتْ عليَّ خِدمةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم.
وفي الحديثِ: بيانُ مَدى حُبِّ الصَّحابةِ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم.