باب من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بشر بكر بن خلف، حدثنا ابن أبي الضيف، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من انتسب إلى غير أبيه، أو تولى غير مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين"
لَمَّا جاءَ الإِسلامُ هدَم كُلَّ أمورِ الجاهليَّةِ ودَعَواتِها وعاداتِها الفاسِدةِ، وحَرصَ على حِفظِ الأنْسابِ والأعْراضِ؛ لأنَّ في اختِلاطِها ضَياعًا لِلحُقوقِ، ودُخولَ أدْعِياءَ في نَسبٍ لَيسوا منه، وهو كَذبٌ صَريحٌ، وفيه إِثمٌ عَظيمٌ. وفي هذا الحَديثِ يَقول النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «مَنِ ادَّعَى إلى غيرِ أبيهِ»، أي: مَنِ انْتَسَبَ إلى أحدٍ غَيرِ أبيهِ، أو ادَّعَى أبًا لَيسَ بأبيهِ عالِمًا عامدًا مُختارًا، «أو انْتَمَى إلى غَيرِ مَواليهِ»، الموالِي: جمع المولَى، ويُطلَقُ في اللُّغةِ على المُعتَق، والمُعتِقِ، والسيِّدِ، والناصِر، والصاحِبِ، والحليفِ، وغير ذلك، والمرادُ بالموالي في هذا الحديثِ المُعتِقينَ، وذلك إذا نَسَب المُعتَقُ نفْسَه إلى غَيرِ مُعتِقِه، وجَعَل نفْسَه مولًى له وترَك ولاءَ صاحبِه. «فعليه لَعْنةُ اللهِ المُتَتابِعةُ إلى يَومِ القِيامةِ»، أي: فَجَزاؤُه أنَّ اللهَ يَلعَنُه لَعنًا مُتواصِلًا إلى يوم القِيامةِ، واللَّعنُ: هُو الطَّردُ من رَحمة اللهِ تعالى.
وفي الحديث: بيانُ تَشديدِ الشَّرع في أمْرِ الأنْسابِ، والاهتِمامِ بشأن المُحافَظة عليها( ).