باب من جهز غازيا1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا ليث بن سعد، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن الوليد بن أبي الوليد، عن عثمان بن عبد الله بن سراقة
عن عمر بن الخطاب، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من جهز غازيا في سبيل الله حتى يستقل، كان له مثل أجره، حتى يموت أو يرجع"
تَفطيرُ الصَّائمِ وإطعامُه مِن الأفعالِ الصَّالحةِ الَّتي حثَّتْ عليها الشَّريعةُ الإسلاميَّةُ، ورغَّبَتْ فيها، وبيَّنتْ فَضيلةَ مَن يفعَلُها، وفي هذا الحديثِ يقولُ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَن فطَّرَ صائمًا"، أي: أطعَمَه حين وجَبَ الإفطارُ، "كان له مِثْلُ أجْرِه"، أي: مِثْلُ أجْرِ هذا الصَّائمِ على صَومِه، "غيرَ أنَّه لا ينقُصُ مِن أجْرِ الصَّائمِ شيئًا"، أي: لكلَيْهما أجْرٌ، لا يأخُذُ هذا مِن أجْرِ هذا، ولعَلَّه أردَفَ بالتَّنبيهِ على عدَمِ نُقصانِ أجْرِ الصَّائمِ؛ حتَّى لا يُتَوَهَّمَ مِن إعطاءِ الَّذي أطعَمَه مِثْلَ أجْرِه نُقصانُ بعْضِ أجْرِ الصَّائمِ، وهذا مِن عظيمِ فضْلِ اللهِ على عِبادِه، وواسِعِ كَرمِه، "ومَن جهَّزَ غازيًا في سَبيلِ اللهِ"، أي: هيَّأهُ وأعانَه بما يَحتاجُه مِن عَتادٍ ومُؤَنٍ، "أو خلَفَهُ في أهْلِه" في قَضاءِ حوائِجهم والإنفاقِ عليهم، أو مُساعدتِهم في أمورِهم، ويَختلِفُ قدْرُ الثوابِ بحسَبِ كَثرةِ ذلك وقِلَّتِه، "كُتِبَ له مثْلُ أجْرِ الغازي، إلَّا أنَّه لا يَنقُصُ مِن أجْرِ الغازي شيئًا"، أي: كان له مِثلُ أجْرِ الغزْوِ، وكذلك مَن خلَفَ غازيًا في سَبيلِ اللهِ، فله أجْرُ الغَزوِ، ومعنى خلَفَه، أي: قام مَقامَه في إصلاحِ حالِ أهْلِه، وعِنايتِه بهم، فمَن تولَّى أمْرَ الغازي وناب مَنابَه في مُراعاةِ أهلِه زمانَ غَيبتِه، شارَكهُ في الثَّوابِ.
وفي الحديث: الحَثُّ على الإحسانِ إلى مَن فَعَل مَصلحةً للمُسلِمينَ، أو قامَ بأمرٍ مِن مُهمَّاتِهم.