باب من قرأ السجدة ولم يسجد
بطاقات دعوية
عن عطاءِ بن يسَارٍ أنه سألَ زيدَ بنَ ثابتٍ رضي الله عنه؟ فزعَمَ أنه
قرَأَ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - {وَالنَّجْمِ} فلَم يسجُدْ فيها.
سُجودُ قارئِ القرآنِ كلَّما مرَّ بسَجدةٍ في قِراءتِه، لَونٌ مِن ألوانِ الأدَبِ مع اللهِ عزَّ وجلَّ، والخُضوعِ له، وحُسنِ الإيمانِ به، وسَبيلٌ للرِّفعةِ والعطاءِ في الدُّنيا والآخرةِ، وتَحديدُ مَواضعِ السُّجودِ في القرآنِ الكريمِ أمْرٌ تَوقيفيٌّ نَقْتدي فيه بقَولِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وفِعلِه.
وفي هذا الحديثِ أنَّ عَطاءَ بنَ يَسارٍ -وهو أحدُ التَّابعينَ- سَأل الصَّحابيَّ زَيدَ بنَ ثابتٍ رَضيَ اللهُ عنه عن السُّجودِ في آخِرِ سُورةِ النَّجمِ، فبَيَّنَ الصَّحابيُّ الجليلُ أنَّه قَرَأَ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُورةَ النَّجمِ، فختَمَها وقَرَأَها كاملةً على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولم يَسجُدْ فيها، أي: عندَ قولِه تعالى: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: 62]؛ وهذا لبَيانِ مَشروعيَّةِ تَرْكِ سُجودِ التِّلاوةِ؛ لأنَّه لو كان السُّجودُ واجبًا لأمَرَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالسُّجودِ. وقيل: يَحتمِلُ أنَّه لم يَفعَلْ ذلك؛ لأنَّ زَيدًا هو القارئُ، والسامعُ إنَّما يَسجُدُ تَبَعًا للقارئِ، لا يَسجُدُ وَحْدَه.
وقد وَرَدَ سُجودُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سُورةِ (النَّجمِ) في رِواياتٍ أُخرى؛ منها رِوايةُ البُخاريِّ عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَجَدَ بالنَّجْمِ، وسَجَدَ معهُ المُسلِمونَ والمُشرِكونَ، والجِنُّ والإنْسُ.
وفي القُرآنِ الكَريمِ خَمسةَ عشَرَ مَوضعًا يُسجَدُ فيها سُجودُ التِّلاوةِ على المشهورِ. ويُقالُ في سُجودِ التِّلاوةِ ما يُشرَعُ قولُه في سُجودِ الصَّلاةِ مِن التَّسبيحِ والدُّعاء.