باب من يستحب أن يلي الإمام 2
سنن ابن ماجه
حدثنا نصر بن علي الجهضمي، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا حميد،
عن أنس، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب أن يليه المهاجرون والأنصار، ليأخذوا عنه (2).
الصَّلاةُ عِبادةٌ رُوحيَّةٌ، يَقِفُ فيها العبدُ أمامَ ربِّه، وقد علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم آدابَها وما يَنبَغي علينا عمَلُه فيها مِن تَنظيمِ الصُّفوفِ والخُشوعِ وغيرِ ذلك.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ أنسُ بنُ مالكٍ رَضِي اللهُ عنه: "كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُحِبُّ أن يَلِيَه المهاجِرون والأنصارُ"، أي: أنْ يَكونوا خَلْفَه في الصَّلَوات "لِيَأخُذوا عنه"، أي: لِيَتعلَّموا مِنه أحكامَ الصَّلاةِ وكيفيَّتَها، وغيرَ ذلك، ممَّا يَصدُرُ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بعدَ الصَّلاةِ مِن أوامِرَ ونَواهٍ ومَواعِظَ وغيرِ ذلك؛ وفي صحيحِ مسلِمٍ عن ابنِ مَسعودٍ رَضِي اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: "لِيَلِنِي مِنكم أُولو الأحلامِ والنُّهَى"، أي: أصحابُ العُقولِ والأفهامِ؛ وذلك حتَّى يَستوعِبوا ما يَصدُرُ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وقيل: المرادُ بأُولي الأحلامِ البالِغون، وبأُولي النُّهى العُقلاءِ، وهذا الحَثُّ على تَقدُّمِ أهلِ العِلْمِ والفَضلِ في الدِّينِ في صُفوفِ الصَّلاةِ والقُربِ مِن الإمامِ؛ لأنَّهم أولى بالإكرامِ، ولأنَّه ربَّما احتاج الإمامُ إلى استِخْلافٍ؛ فيَكونون هم أَوْلى، ولأنَّهم يتَفطَّنون لتنبيهِ الإمامِ على السَّهوِ لِمَا لا يتَفطَّنُ له غيرُهم.
وفي الحديثِ: فضلٌ ومَنقَبةٌ للمُهاجِرين والأنصارِ رَضِي اللهُ عنهم( ).