باب من يستحب أن يلي الإمام 3

سنن ابن ماجه

باب من يستحب أن يلي الإمام 3

حدثنا أبو كريب، حدثنا ابن أبي زائدة، عن أبي الأشهب، عن أبي نضرةعن أبي سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى في أصحابه تأخرا، فقال: "تقدموا فأتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله" (1).

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نِعمَ المُعلِّمُ والمُربِّي لأُمَّتِه؛ فقد كان يُلاحِظُهم في كلِّ أحوالِهم، ويُرشِدُهم إلى ما فيه خيرُهم في العِباداتِ والمعاملاتِ وغيرِ ذلك، وهذا الحديثُ فيه جانبٌ تَعليميٌّ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصحابِه ولأمَّتِه من بَعدِهم في الحِرصِ على مَعالي الأُمورِ، وعدَمِ التَّعوُّدِ على الكسَلِ والدَّعَةِ، وكيف تكونُ صَلاةُ الجماعةِ؛ ففيه يُخبِرُ أبو سَعيدٍ الخُدريُّ رَضيَ اللهُ عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رأى في أصحابِه تَأخُّرًا؛ إذ كانوا غير مُلتزِمين بالحُضورِ إلى الصَّلاةِ مُبكِّرًا، أو لا يَهتمُّون بصُفوفِ الصَّلاةِ حتَّى كان منهم مَن هو في آخِرِ المسجدِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لهؤلاء المتأخِّرين: تَقدَّموا فاقتُدوا بإمامتي لكم في أحوالِ صَلاتِكم وكُونوا صُفوفًا من خَلفي، وليَأتَمَّ كلُّ صَفٍّ بمَن قَبله، ومعنى ائتمامُ كلِّ صفٍّ بمَن قَبلَه: أنَّه يَتبَعُه في حَركاتِه إن غاب عنه حَركاتُ الإمامِ لانعدامِ رُؤيتِه أو ما شابَه، ثُمَّ حذَّرَهم من أنَّه لا يزالُ البعضُ يَتأخَّرون عن صُفوفِ الصَّلاةِ حتَّى يُؤخِّرَهمُ اللهُ في الدَّرجاتِ، أو يَتأخَّرونَ عنِ الصَّفِّ الأوَّلِ؛ حتَّى يُؤخِّرَهمُ اللهُ عن عظيمِ فضلِه، ورَفيعِ مَنزِلتِه.
وفي الحديثِ: تَنبيهٌ إلى أنَّ المُداوَمةَ على البُعدِ عنِ الطَّاعاتِ تُؤدّي إلى البُعدِ عنِ اللهِ، واجتلابِ غَضَبِه.