باب من يعطى من الصدقة وحد الغنى

باب من يعطى من الصدقة وحد الغنى

حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن رجل من بنى أسد أنه قال نزلت أنا وأهلى ببقيع الغرقد فقال لى أهلى اذهب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسله لنا شيئا نأكله فجعلوا يذكرون من حاجتهم فذهبت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فوجدت عنده رجلا يسأله ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول « لا أجد ما أعطيك ». فتولى الرجل عنه وهو مغضب وهو يقول لعمرى إنك لتعطى من شئت. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « يغضب على أن لا أجد ما أعطيه من سأل منكم وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا ». قال الأسدى فقلت للقحة لنا خير من أوقية والأوقية أربعون درهما. قال فرجعت ولم أسأله فقدم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك شعير أو زبيب فقسم لنا منه - أو كما قال - حتى أغنانا الله. قال أبو داود هكذا رواه الثورى كما قال مالك.

السعيد من وعظ بغيره، وتعلم مما يراه أمامه، وفي هذا الحديث أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من بني أسد، قال: "نزلت أنا وأهلي"، أي: أهل بيتي "ببقيع الغرقد"، وهو مكان بجوار المسجد النبوي من جهة الشرق، وبه مقبرة أهل المدينة، "فقال لي أهلي: اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسله لنا شيئا نأكله، فجعلوا"، أي: أهله "يذكرون من حاجتهم"، أي: احتياجهم إلى المساعدة، "قال: فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجدت عنده رجلا يسأله"، أي: يطلب منه مالا أو عطاء، "ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا أجد ما أعطيك"، أي: ليس عندي الآن ما تطلبه، "فتولى الرجل عنه وهو مغضب، وهو يقول: لعمري"، أي: أقسم بحياتي، "إنك لتعطي من شئت"، أي: من تهوى أن تعطيه، "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يغضب علي أن لا أجد ما أعطيه!"، أي: ليس عندي ما أعطيه فكيف يحق له أن يغضب مني؟! ثم قال: "من سأل منكم وله أوقية"، والأوقية كانت تساوي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين درهما، "أو عدلها"، أي: ما يساوي قيمتها، "فقد سأل إلحافا"، أي: ألح بشدة في السؤال وهو منهي عنه، "قال الأسدي"، أي: الصحابي راوي الحديث: "فقلت"، أي: عند سماع ذلك: "للقحة لنا خير من أوقيةواللقحة: هي الناقة التي تحلب اللبن، قال: "فرجعت ولم أسأله"، أي: لم أطلب منه شيئا، "فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك شعير وزبيب، فقسم لنا منه"، أي: أعطانا منه، "أو كما قال"، شك من الراوي، "حتى أغنانا الله عز وجل"، أي: عن السؤال بما قسمه النبي صلى الله عليه وسلم