‌‌باب مناقب عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف الزهري رضي الله عنه48-1

سنن الترمذى

‌‌باب مناقب عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف الزهري رضي الله عنه48-1

حدثنا قتيبة قال: حدثنا بكر بن مضر، عن صخر بن عبد الله، عن أبي سلمة، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «إن أمركن لمما يهمني بعدي، ولن يصبر عليكن إلا الصابرون». قال: ثم تقول عائشة، فسقى الله أباك من سلسبيل الجنة، تريد عبد الرحمن بن عوف، وقد كان وصل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بمال، يقال: بيعت بأربعين ألفا. هذا حديث حسن غريب

البِرُّ والإحسانُ له فَضلٌ كبيرٌ، وقد حثَّنا اللهُ سبحانَه وتعالَى عليه، ورغَّبنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فيه، وأفضلُ البِرِّ والإحسانِ ما أوصَى به النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن الإحسانِ إلى أهلِ بيتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وحُبِّهم دُونَ مُغالاةٍ أو خُروجٍ عمَّا أمَر به الشَّرعُ.
وفي هذا الحَديثِ تَحكي أمُّ المؤمنِينَ عائشةُ رَضِي اللهُ عَنها: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان يقولُ لأزواجِه رَضِي اللهُ عَنهنَّ: "إنَّ أمْرَكنَّ"، أي: حالَكنَّ وشأنَكنَّ، "ممَّا يُهِمُّني بَعْدي"، أي: يُوقِعُني في الهمِّ بعدَ موتي؛ لأنَّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لم يَترُكْ لأزواجِه شيئًا مِن الدُّنيا، وكان ما ترَكه صدَقةً، وأزوجُه رَضِي اللهُ عَنهنَّ اختَرْنَ الآخِرَةَ والدَّارَ الباقيةَ على الدُّنْيا، ثمَّ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ولَن يَصبِرَ عَليكُنَّ"، أي: على بلاءِ مُؤْنَتِكنَّ وسَدِّ حاجَتِكنَّ، "إلَّا الصَّابِرون" الَّذين رزَقَهم اللهُ تعالى الصَّبرَ على طاعتِه وابتغاءِ مَرضاتِه، والصَّبرَ على النَّفسِ وعلى مُخالَفتِها باختيارِ الإنفاقِ والعطاءِ في سبيلِ اللهِ تعالى.
"قال" أبو سَلمةَ بنُ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ راوي هذا الحديثِ عن أمِّ المؤمِنين عائِشةَ رَضِي اللهُ عَنها: "ثمَّ تقولُ عائشةُ" بعد ذلك لي: "فسَقى اللهُ أباكَ مِن سَلسَبيلِ الجنَّةِ"، وهي عينٌ في الجنَّةِ، قيل: سُمِّيَت بذلك لِسَلاسَتِها ولَذَّتِها وحُسنِها، "تُريدُ" عائشةُ رَضِي اللهُ عَنها بهذا الدُّعاءِ "عبْدَ الرَّحمنِ بنَ عوفٍ"، ابنِ عبدِ عوفِ بنِ عبدِ بنِ الحارثِ بنِ زُهْرةَ القُرشيَّ رَضِي اللهُ عَنه، "وكان" عبدُ الرَّحمنِ بنُ عوفٍ رَضِي اللهُ عَنه، "قد وصَل"، مِن الصِّلَةِ، أي: أعطَى أزواجَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "بمالٍ"، وهذا المالُ هو حَديقةٌ، "يُقالُ" بصيغة المجهولِ، أي: يَقولُ النَّاسُ: "بِيعَت" هذه الحديقةُ أو هذا المالُ، "بأربَعين ألفًا"، مِن الدَّراهِمِ أو الدَّنانيرِ.
وفي الحَديثِ: عَظيمُ اهتمامِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بحالِ أزواجِه مِن بَعْدِه.
وفيه: دُعاءُ الصَّحابةِ رَضِي اللهُ عَنهم بَعضِهم لبعضٍ.
وفيه: فَضلُ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ رَضِي اللهُ عَنه.