باب ميراث أهل الإسلام من أهل الشرك 2
سنن ابن ماجه
حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح المصري، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرنا يونس، عن ابن شهاب، عن علي بن الحسين حدثه، أن عمرو بن عثمان أخبره
عن أسامة بن زيد، أنه قال: يا رسول الله، أتنزل في دارك بمكة؟ قال: وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور؟ ".
وكان عقيل ورث أبا طالب، هو وطالب، ولم يرث جعفر ولا علي شيئا لأنهما كانا مسلمين، وكان عقيل وطالب كافرين.
فكان عمر من أجل ذلك يقول: لا يرث المؤمن الكافر.
وقال أسامة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم" (1).
جاء الإسلامُ فأظهر الحَقَّ مِنَ الباطِلِ وفارق ما كان عليه أهلَ الجاهِلِيَّةِ مِن أفعالٍ مُحَرَّمةٍ، وفَصَّل أحكامَ أفعالهم؛ فحَرَّم الحرامَ، وأقَرَّ الحَسَنَ والجَميلَ.
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حُكمًا من الأحكامِ التي تكونُ بيْن المسلمِ والكافرِ، فيقولُ: «لا يَرِثُ المسلمُ الكافرَ، ولا الكافرُ المسلمَ»، ويشمَلُ هذا كُلَّ من كان على دينٍ غيرِ الإسلامِ، أو كان مرتَدًّا؛ فلو أنَّ وَلَدًا بالغًا ارتدَّ عن الإسلامِ، فإنَّه لا يَرِثُ أباه المسلِمَ؛ لأنَّ الإرثَ مَبناهُ على الصِّلةِ والقُربَى والنَّفعِ، وهي مُنقطِعةٌ ما دامَ الدِّينُ مختلفًا؛ لأنَّه الصِّلةُ المتينةُ، والعُروةُ الوُثقَى، فإذا فُقدَت هذه الصِّلَةُ، فُقِدَ معها كلُّ شَيْءٍ حتَّى القرابةُ، وانقَطعَتْ عَلاقةُ التَّوارثِ بيْن الطَّرفَينِ. وقد بَيَّن اللهُ سُبحانَه في القُرآنِ الكريمِ ذلك بوَجهٍ عامٍّ؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذين آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة: 51]، وقال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73]، فأخْبَرَ سُبحانَه وتعالَى أنَّ الوَلايةَ مُنقطِعةٌ بيْن المسلمِ والكافرِ، فلا يتوارثانِ.