باب ومن سورة البروج1
سنن الترمذى
حدثنا عبد بن حميد قال: حدثنا روح بن عبادة، وعبيد الله بن موسى، عن موسى بن عبيدة، عن أيوب بن خالد، عن عبد الله بن رافع، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اليوم الموعود يوم القيامة، واليوم المشهود يوم عرفة، والشاهد يوم الجمعة، وما طلعت الشمس ولا غربت على يوم أفضل منه، فيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يدعو الله بخير إلا استجاب الله له، ولا يستعيذ من شيء إلا أعاذه الله منه». هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث موسى بن عبيدة، وموسى بن عبيدة يضعف في الحديث؛ ضعفه يحيى بن سعيد وغيره من قبل حفظه. وقد روى شعبة، وسفيان الثوري، وغير واحد من الأئمة عن موسى بن عبيدة. حدثنا علي بن حجر قال: حدثنا قران بن تمام الأسدي، عن موسى بن عبيدة، بهذا الإسناد نحوه. وموسى بن عبيدة الربذي يكنى أبا عبد العزيز، وقد تكلم فيه يحيى بن سعيد القطان وغيره من قبل حفظه
جَعَل اللهُ عزَّ وجلَّ الخيريَّةَ في يومِ الجُمُعةِ على سائرِ الأيَّامِ؛ لِمَا فيه مِن الفَضلِ والأجرِ والثَّوابِ، والبَركاتِ التي تَنزِلُ مِن اللهِ تعالى، كما بيَّن الشَّرعُ فَضائلَ بعضِ الأيام، وما يكونُ فيها مِن أعمالٍ صالحةٍ، وعِباداتٍ تُقرِّب العبدَ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "اليومُ الموعودُ يَومُ القِيامةِ"، أي: المذكورُ في قولِه تعالى: {وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} [البروج: 2- 3]، هو يومُ القِيامةِ؛ لأنَّ اللهَ وعَد به النَّاسَ، "واليومُ المشهودُ يومُ عَرفةَ"؛ لأنَّ النَّاسَ يَشهَدونه، أي: يَحضُرونه ويَجتمِعون فيه، "والشَّاهدُ يومُ الجُمُعةِ"، أي: يَشهَد لِمَن حضَر صَلاتَه، "وما طلَعتِ الشَّمسُ ولا غرَبَتْ على يومٍ أفضلَ منه"، أي: يَومِ الجُمُعةِ، "فيه ساعةٌ لا يُوافِقُها"، أي: يُصادِفُها، ويُوفَّقُ للدُّعاءِ فيها، "عَبدٌ مُسلِمٌ يَدعو اللهَ بخيرٍ إلَّا استجابَ اللهُ له. ولا يَستعيذُ"، أي: يَطلُبُ مِن اللهِ الحِمايةَ والوقايةَ، "مِن شَرٍّ إلَّا أعاذَه اللهُ منه"، أي: وَقَاه اللهُ مِن ذلك الشَّرِّ، والمرادُ أنَّ فيه ساعةَ إجابةٍ لمَن يَدْعو اللهَ عزَّ وجلَّ في تلك السَّاعةِ، فيَنبغي الحِرصُ عليها وعلى الدُّعاءِ فيها، وقد ورَد في تَحديدِ تلك السَّاعةِ عندَ أبي داودَ والنَّسائيِّ مِن حديثِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهما -قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "فالْتَمِسوها آخرَ ساعةٍ بعدَ العصرِ".
كما ورَدَ أنَّها الساعةُ التي بين أذانِ الجُمُعةِ وانقضاءِ الصَّلاةِ، كما في صحيحِ مُسلمٍ من حَديثِ أبي موسى الأَشعريِّ رضِيَ اللهُ عنه، قال: سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ -يعني في ساعةِ الجُمُعةِ- : (هي ما بينَ أنْ يَجلِسَ الإمامُ إلى أنْ تُقضَى الصَّلاةُ)، وكلُّ واحدةٍ مِن هاتَينِ الساعتَينِ يُرجَى فيها إجابةُ الدُّعاءِ.
وفي الحَديثِ: تَحرِّي أوقاتِ إجابةِ الدُّعاءِ والْتِماسُها.