باب: ومن سورة الذاريات2
سنن الترمذى
حدثنا عبد بن حميد قال: حدثنا زيد بن حباب قال: حدثنا سلام بن سليمان النحوي أبو المنذر قال: حدثنا عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن الحارث بن يزيد البكري، قال: قدمت المدينة فدخلت المسجد فإذا هو غاص بالناس، وإذا رايات سود تخفق، وإذا بلال متقلد السيف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: ما شأن الناس؟ قالوا: يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجها، فذكر الحديث بطوله نحوا من حديث سفيان بن عيينة بمعناه. ويقال له: الحارث بن حسان
كان النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في المدينةِ يبعَثُ السَّرايا والجيوشَ، ويعقِدُ لهم الرَّاياتِ والألويةَ، ثمَّ يُوجِّهُهم لنشْرِ دَعوةِ الإسلامِ في الآفاقِ.
وفي هذا الحديثِ بَيانٌ لبعضِ ذلك فيما يَرْويه الصَّحابيُّ الحارثُ بنُ يَزيدَ البَكْريُّ رضِيَ اللهُ عنه، قال: "قدِمْتُ المدينةَ"، أي: مدينةَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "فدخلْتُ المسجِدَ"، أي: النَّبويَّ، "فإذا هو غاصٌّ بالنَّاسِ"، أي: مُمتلِئٌ، "وإذا راياتٌ" جمْعُ رايةٍ، وهي العَلَمُ الَّذي يرفَعُه الجيشُ ليَتميَّزَ به، "سُودٌ تخفُقُ"، أي: لونُها أسودُ تُرفرِفُ وتتحرَّكُ، "وإذا بِلالٌ مُتقلِّدٌ السَّيفَ بين يديْ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، أي: مُمسِكٌ بالسَّيفِ في غِمْدِه أو شاهِرُه، "قلْتُ: ما شأنُ النَّاسِ؟" أي: ما أمْرُهم؟ ولماذا هم على هذه الحالِ؟ "قالوا: يُريدُ"، أي: النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "أنْ يبعَثَ عمرَو بنَ العاصِ وجْهًا"، أي: يُرسِلُه إلى جِهَةٍ من الجِهاتِ للحرْبِ، فأعَدَّ له الرَّاياتِ السُّودَ؛ علامةً لجيشِه أو سَريَّتِه، وجمَعَ النَّاسَ في المسجِدِ.
قال الرَّاوي: "فذكَرَ الحديثَ بطُولِه نحوًا من حديثِ سُفيانَ بنِ عُيينةَ بمعناهُ"، ويقصِدُ حديثَ وافدِ عادٍ الَّذي ذكَرَه للنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي الحديثِ: بَيانُ أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يعقِدُ الرَّاياتِ في المسجِدِ لإرسالِ الجيوشِ والسَّرايا.
وفيه: أنَّه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اتَّخذَ رايةً سَوداءَ.