‌‌باب: ومن سورة القمر4

سنن الترمذى

‌‌باب: ومن سورة القمر4

حدثنا عبد بن حميد قال: حدثنا محمد بن كثير قال: حدثنا سليمان بن كثير، عن حصين، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: " انشق القمر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى صار فرقتين: على هذا الجبل، وعلى هذا الجبل، فقالوا: سحرنا محمد فقال بعضهم: لئن كان سحرنا فما يستطيع أن يسحر الناس كلهم ": وقد روى بعضهم هذا الحديث عن حصين، عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن جده جبير بن مطعم، نحوه

أيَّدَ اللهُ سُبحانَه وتعالَى نَبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالمُعجِزاتِ الخَوارِقِ حتَّى يُثبِّتَ قَلْبَه، ويُثبِّتَ المؤمِنينَ على الدِّينِ الحقِّ.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ القمَرَ انشَقَّ في عَهدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فكان نِصفَينِ: نِصفًا مِن وَراءِ حِراءٍ، ونِصفًا أمامَه؛ ليَكونَ مُعجِزةً له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على صِدقِ نُبُوَّتِه؛ لأنَّ أهلَ مَكَّةَ سَأَلوا رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُريَهم آيةً، فأَراهمُ انْشِقاقَ القمَرِ، كما في حَديثِ أنَسٍ عندَ البُخاريِّ، فلمَّا وقَعَ ذلك، قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «اشْهَدوا»، أي: انْظُروا ماذا حدَثَ؛ لأنَّها مُعجِزةٌ عَظيمةٌ لا يَكادُ يَعدِلُها شَيءٌ مِن آياتِ الأنْبياءِ عليهمُ السَّلامُ.
وهذه مِن أعظَمِ المُعجِزاتِ المادِّيَّةِ الكَونيَّةِ الَّتي وقَعَتْ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بمكَّةَ قبْلَ الهِجرةِ، والَّتي أشارَ إليها القُرآنُ الكَريمُ في قَولِه تعالَى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1].
وفي الحَديثِ: عَلامةٌ مِن عَلاماتِ النُّبوَّةِ.