باب: ومن سورة سبأ1
سنن الترمذى
حدثنا أبو كريب، وعبد بن حميد، قالا: أخبرنا أبو أسامة، عن الحسن بن الحكم النخعي، قال: حدثنا أبو سبرة النخعي، عن فروة بن مسيك المرادي، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله ألا أقاتل من أدبر من قومي بمن أقبل منهم؟ فأذن لي في قتالهم وأمرني، فلما خرجت من عنده سأل عني، «ما فعل الغطيفي؟» فأخبر أني قد سرت، قال: فأرسل في أثري فردني فأتيته وهو في نفر من أصحابه، فقال: «ادع القوم فمن أسلم منهم فاقبل منه، ومن لم يسلم فلا تعجل حتى أحدث إليك» قال: وأنزل في سبإ ما أنزل، فقال رجل: يا رسول الله، وما سبأ، أرض أو امرأة؟ قال: " ليس بأرض ولا امرأة، ولكنه رجل ولد عشرة من العرب فتيامن منهم ستة، وتشاءم منهم أربعة. فأما الذين تشاءموا فلخم، وجذام، وغسان، وعاملة، وأما الذين تيامنوا: فالأزد، والأشعريون، وحمير، ومذحج، وأنمار، وكندة ". فقال رجل: يا رسول الله، وما أنمار؟ قال: «الذين منهم خثعم، وبجيلة». هذا حديث حسن غريب
العرَبُ هم أشرَفُ النَّاسِ نَسبًا، وقد خَصَّهم اللهُ تعالى بأنْ بعَث فيهم نبيًّا مِن أنفُسِهم هو أفضَلُ النَّبيِّين وخاتَمُ المرسَلين، وسيِّدُ الأوَّلين والآخِرين.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ فَروةُ بنُ مُسَيكٍ رَضِي اللهُ عَنه: "أتيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ألا أُقاتِلُ مَن أدبَر"، أي: عن الإسلامِ، ولم يُؤمِنْ به، "مِن قومي، بمَن أقبَل مِنهم؟"، أي: مَن آمَن مِن قَومي ودخَل في الإسلامِ، "فأَذِن" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "لي في قِتالِهم"، أي: في قِتالِ مَن لم يُؤمِنْ مِن قومِه، "وأمَّرني" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، أي: جعَلني أميرًا، "فلمَّا خرَجتُ مِن عِندِه"، أي: مِن عندِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "سأَل" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أصحابَه، "عنِّي"، أي: عَن فَرْوةَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ما فعَل الغُطَيفيُّ؟"، أي: فَروةُ بنُ مُسيكٍ، نِسبةً إلى غُطيفٍ بَطنٍ مِن مُرادٍ، "فأُخبِر"، بصغيةِ المَجهولِ، أي: أخبَرَه أحَدُ أصحابِه، "أنِّي قد سِرْتُ"، إلى قَومي، وأنا عازِمٌ على قِتالِ مَن كفَر مِنهم بمَن آمَن مِنهم، "قال" فَروةُ: "فأرسَل" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "في أثَري"، أي: في عَقِبي ووَرائي وبَعْدي مَن يَرُدُّني ويَرجِعُني إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فرَدَّني" إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فأتَيتُه"، أي: رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "وهو"، أي: رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "في نفَرٍ"، أي: جماعةٍ مِن ثلاثةٍ إلى تسعةٍ، مِن أصحابِه، "فقال" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لي: "ادْعُ القومَ"، أي: ادْعُ قومَك إلى الإسلامِ، "فمَن أسلَم مِنهم"، أي: مِن قَومِك، "فاقْبَلْ منه"، أي: فاقْبَلْ منه الإسلامَ، "ومَن لم يُسلِمْ فلا تَعجَلْ"، أي: فلا تَستعجِلْ بقِتالِهم، "حتَّى أُحدِثَ إليك"، أي: آمُرَك بأمرٍ جديدٍ، "قال" فروةُ: "وأُنزِلَ" مِن القرآنِ والوحيِ "في" شأنِ "سبَأٍ" القبيلةِ المشهورةِ وهي تُنسَبُ إلى سبَأِ بنِ يَشجُبَ بنِ يَعرُبَ بنِ قَحطانَ بنِ هودٍ، وقيل: اسمُه عبدُ شمسٍ وهو أوَّلُ مَن سَبى مِن العرَبِ، فلُقِّب بذلك، "ما أُنزِل"، أي: مِن الوحي ِوالآياتِ، "فقال رجلٌ" مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "يا رسولَ اللهِ، وما سبَأٌ؛ أرضٌ أو امرأةٌ؟"، أي: هل هو اسمُ أرضٍ، أو هي اسمُ امرأةٍ؟ "قال" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ليس بأرضٍ ولا امرأةٍ، ولكنَّه"، أي: سبَأً، "رجلٌ وَلَدَ عَشَرةً"، أي: عَشْرَ قَبائلَ، "مِن العرَبِ فتَيامَنَ"، أي: سكَن اليمَنَ، "مِنهم"، أي: مِن أولادِ سبَأٍ ونَسْلِه، "سِتَّةٌ"، أي: سِتُّ قبائِلَ "مِن العرَبِ، وتَشاءَم"، أي: سكَن الشَّامَ، "مِنهم"، أي: مِن أولادِ سبَأٍ ونَسْلِه، "أربعةٌ"، أي: أربَعُ قبائِلَ مِن العرَبِ، "فأمَّا" القبائلُ، "الَّذين تَشاءَموا"، أي: سكَنوا الشَّامَ، "فلَخْمٌ، وجُذامُ" هما ابْنا عَدِيِّ بنِ عمرِو بنِ سبَأِ بنِ يَشجُبَ بنِ يَعرُبَ بنِ قَحْطانَ، وقيل: ابْنا عَدِيِّ بنِ عمرِو بنِ الحارِثِ بنِ مُرَّةَ بنِ أَدَدِ بنِ زيدِ بنِ يَشجُبَ بنِ يَعرُبَ بنِ قَحْطانَ، وقيل غيرُ ذلك، "وغسَّانُ"، شعبٌ عظيمٌ، اختُلِف في نِسْبتِه، فقالوا: غسَّانُ أبو قَبيلةٍ باليمَنِ، وهو مازنُ بنُ الأزدِ بنِ الغَوثِ، وقيل غيرُ ذلك، "وعامِلةُ"، وهو الحارثُ بنُ مالكِ بنِ وَديعةَ بنِ قُضاعةَ، وقيل غيرُ ذلك، "وأمَّا" القبائلُ "الَّذين تَيامَنوا"، أي: سكَنوا اليمَنَ: "فالأَزدُ"، وهو ابنُ الغَوثِ بنِ نَبْتِ بنِ مالكِ بنِ كَهْلانَ، "والأشعَريُّون"، وهو الأشعَرُ بنُ نبتِ بنِ أدَدِ بنِ يَزيدَ، الَّذين يَنتَسِبُ إليهم أبو موسى الأشعَريُّ رَضِي اللهُ عَنه، "وحِمْيَرُ"، وهو حِميَرُ بنُ سبَأِ بنِ يَشجُبَ بنِ يَعرُبَ بنِ قَحْطانَ، واسمُ حِميَرَ العَرَنْجَجُ، "وكِنْدةُ"، وهو ثَورُ بنُ عُفيرِ بنِ عَدِيِّ بنِ الحارثِ بنِ مُرَّةَ بنِ أدَدِ بنِ زيدِ بنِ يَشجُبَ بنِ عَرِيبِ بنِ كَهْلانَ بنِ سبَأٍ، "ومَذْحِجٌ"، وهو كلُّ مَن انتَسَب إلى مالِكِ بنِ أدَدِ بنِ زيدِ بنِ يَشجُبَ بنِ عَريبِ بنِ زيدِ بنِ كَهْلانَ بنِ سبَأٍ، فهُوَ مَذْحِجيٌّ، "وأنمارٌ"، وهو أنمارُ بنُ إراشِ بنِ عمرِو بنِ الغوثِ بنِ النَّبتِ بنِ مالكِ بنِ زيدِ بنِ كَهْلانَ بنِ سبَأٍ، وقيل: هو أنمارُ بنُ نِزَارِ بنِ معَدِّ بنِ عدنانَ، "فقال رجلٌ" مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "يا رسولَ اللهِ، ما أنمارٌ؟ قال" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "الَّذين مِنهم خَثعَمُ، وبَجيلةُ" ابْنَا أَنمارٍ، القَبيلَتان المشهورتان.
وفي الحديثِ: معرِفةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بالقَبائلِ والأنسابِ.