بقية حديث عبد الله بن أبي أوفى، عن النبي صلى الله عليه وسلم 18
مستند احمد
حدثنا هشيم، أخبرنا الشيباني، عن محمد بن أبي المجالد قال: بعثني أهل المسجد إلى ابن أبي أوفى، أسأله: ما صنع النبي صلى الله عليه وسلم في طعام خيبر؟ فأتيته فسألته عن ذلك، قال: وقلت: هل خمسه؟ قال: «لا، كان أقل من ذلك» قال: «وكان أحدنا إذا أراد منه شيئا أخذ منه حاجته»
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَنهَى عن الغلولِ، وهو الأخذُ مِن الغنيمةِ قبلَ قِسمتِها، إلَّا أنَّه أُبيحَ في الأخذِ منها حالةُ الحربِ، وللحَربِ؛ كأَخْذِ سيفٍ لقتالٍ ونحوِ ذلك، فإذا ما انقضَتِ الحربُ، وجَبَ ردُّ ما أُخِذ إلى المغنَمِ، ويَشمَلُ ذلك الطَّعامَ بقدرِ الحاجةِ منه
وفي هذا الحديثِ يَسأَلُ محمَّدُ بنُ أبي مُجالِدٍ عبدَ اللهِ بنَ أبي أوفى رَضِي اللهُ عَنه- كما صُرِّح به في بعضِ الرِّواياتِ، وكان رضِيَ اللهُ عنه مِن المشارِكين في غزوةِ خَيبرَ-، قائلًا: "هل كُنتُم تُخمِّسون- يعني: الطَّعامَ- في عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؟"، أي: تَجعَلون الطَّعامَ خمسةَ أقسامٍ لإخراجِ الخُمسِ الَّذي هو للهِ ورسولِه، بمِثْلِ ما تَقسِمون باقيَ المغنَمِ؟ والمرادُ: هل كان لهم أن يأخُذوا مِن الطَّعامِ قبلَ قِسمتِه؟ وسيُفيدُ الجوابُ أنَّه لو كان يُخمَّسُ لَمَا أُبيحَ الأخذُ منه بلا تَخْميسٍ، فقال عبدُ اللهِ بنُ أبي أوفى رَضِي اللهُ عَنه: "أصَبْنا"، أي: غَنِمْنا "طَعامًا يومَ خيبَرَ"، أي: يومَ غزَوْنا أرضَ خيبَرَ؛ "فكان الرَّجُلُ يَجيءُ فيَأخُذُ منه"، أي: مِن ذلك الطَّعامِ الَّذي غَنِمْناه، "مِقْدارَ ما يَكْفيه ثمَّ يَنصرِفُ"، أي: يَنتَفِعُ منه دونَ أن يَمنَعَه أحَدٌ، وذلك إشارةٌ إلى أنَّ ما كان يَأخُذُه أحَدُهم كان قبلَ أن يُقْسَمَ ويُؤخَذَ مِنه الخُمسُ، فسمَح بالأخذِ مِنه على قدرِ الحاجةِ دونَ إجحافٍ حتَّى يتَقوَّى به المقاتِلون ولأنَّه أسرَعُ في الفسادِ، فكان الانتِفاعُ به أَوْلى