ترك التطوع في السفر 2

سنن النسائي

ترك التطوع في السفر 2

 أخبرني نوح بن حبيب، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا عيسى بن حفص بن عاصم، قال: حدثني أبي، قال: كنت مع ابن عمر في سفر، فصلى الظهر والعصر ركعتين، ثم انصرف إلى طنفسة له فرأى قوما يسبحون، قال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يسبحون، قال: لو كنت مصليا قبلها أو بعدها لأتممتها، «صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لا يزيد في السفر على الركعتين»، وأبا بكر حتى قبض، وعمر وعثمان رضي الله عنهم كذلك

لَمَّا كان الإسلامُ دِينَ الحَنيفيَّةِ السَّمْحةِ، لمْ يكُنْ بمَعْزِلٍ عمَّا يُسَهِّلُ على النَّاسِ ويُيَسِّرُ لهم أُمورَ دِينِهم ودُنياهُم، ومِنْ جُملةِ هذا التَّيسيرِ جاءتِ الرُّخَصُ مِنْحةً رَبَّانيةً مِن اللهِ عزَّ وجلَّ؛ لتَسهيلِ أداءِ ما افتَرَضَ اللهُ على عِبَادِه مِن الواجباتِ والفرائضِ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ رضِيَ الله عنهُما أنَّه صَحِبَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فكان لا يَزيدُ في السَّفرِ على رَكعتينِ، فكان يَقصُرُ الصَّلاةَ الرُّباعيَّةَ -الظُّهرَ، والعصْرَ، والعِشاءَ- ويُصلِّيها رَكعتينِ، وأمَّا المغرِبُ فتُصلَّى كما هي ثَلاثًا، ولا يُصلِّي السُّننَ الرَّواتبَ، وكذلك كان أبو بكرٍ وعُمرُ وعُثمانُ رَضِيَ الله عنهم -كلٌّ في عهْدِه وخِلافتِه- يَستنُّون بسُنَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ويَقصُرون في السَّفرِ، ولا يَزيدون على ذلك. وفي رِوايةِ الصَّحيحَينِ ذَكَرَ ابنُ عُمَرَ عن عُثمانَ رَضيَ اللهُ عنهم: أنَّه صلَّى رَكعتينِ صَدْرًا مِن خِلافتِه، ثمَّ أتمَّها أربعًا»، وقيل في ذلك: لعلَّ ابنَ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أراد في هذه الرِّوايةِ سائرَ أسفارِ عُثمانَ رَضيَ اللهُ عنه في غيرِ مِنًى؛ لأنَّ إتمامَه كان بمِنًى، وقيل: كان يُتِمُّ إذا كان نازلًا، وأمَّا إذا كان سائرًا فيَقصُرُ
ويُستثْنى مِن هذا التَّعميمِ رَكْعَتا الفجْرِ؛ فلم يَترُكْهما رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفَرِه، حتَّى إنَّه قَضاهما لمَّا ناموا حتَّى طَلَعَت عليهم الشَّمسُ في أحدِ أسفارِه، كما في صَحيحِ مُسلمٍ مِن حَديثِ أبي هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه. وكذا الوتْرُ؛ فإنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُوتِرُ على البعيرِ في السَّفرِ، كما في الصَّحيحَينِ مِن حَديثِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما
وفي الحديثِ: حِرصُ الصَّحابةِ على الاقتداءِ بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ