حديث عثمان بن أبي العاص الثقفي 2
مسند احمد
حدثنا روح، وعبد الصمد، قالا: حدثنا حماد، قال روح: قال: أخبرنا الجريري، عن أبي العلاء، عن عثمان بن أبي العاص، وامرأة، من قيس أنهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم، قال أحدهما: سمعته يقول: «اللهم اغفر لي ذنبي وخطئي وعمدي» وقال الآخر: سمعته يقول: «اللهم أستهديك لأرشد أمري، وأعوذ بك من شر نفسي»
كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كثيرَ التَّوجُّهِ إلى رَبِّهِ بالدُّعاءِ والاستِغفارِ والذِّكرِ، ومن أدعِيةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما جاءَ
في هذا الحَديثِ من أنَّه كان يَدْعو بهذا الدُّعاءِ: "اللَّهُمَّ! اغْفِرْ لي ذُنوبي"، وهذا دُعاءٌ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يمْحُوَ عنه ذُنوبَهُ، ويَتَجاوَزَ عنها "خَطَئي وعَمْدي"، أي: اغفِرْ لِي ما صدَرَ عن عَمْدٍ منِّي وعِلمٍ منَ الذُّنوبِ، وما صدَرَ عنْ عَدَمِ مَعْرِفةٍ "وقالَ الآخَرُ: إنِّي سَمِعتُهُ يقولُ: "اللَّهُمَّ! إنِّي أسْتَهْديكَ لأرشَدِ أمْري"، وهو أكثَرُ أمْرِهِ إصابةً للحقِّ والصَّوابِ "وأعوذُ بكَ من شَرِّ نَفْسي"، أي: أعوذُ بكَ من أنْ أجُرَّ على نَفْسي سُوءًا؛ لأنَّ النَّفْسَ أمَّارةٌ بالسُّوءِ، ميَّالةٌ إلى الشَّهَواتِ واللَّذَّاتِ الفانِيةِ، وقدِ استَعاذَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من نَفسِهِ مع أنَّه مَجْبولٌ على الخَيرِ، فيَجوزُ أنْ يكونَ المُرادُ منه الدُّعاءَ بالدَّوامِ والثَّباتِ على ما هِيَ عليه
وكُلُّ هذا دُعاءٌ بِغُفْرانِ الذُّنوبِ والخَطايا معَ أنَّه قد غُفِرَ له ما تَقدَّمَ من ذَنْبِهِ وما تأخَّرَ، ولكِنَّهُ كانَ من بابِ الشُّكرِ للهِ عزَّ وجلَّ وتعليمًا لأُمَّتِه
وفي الحَديثِ: بَيانُ مُداوَمةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الدُّعاءِ
وفيه: تَحْذيرُ المؤمِنِ ألَّا يَغْترَّ بعَمَلِهِ، ولا يَأْمَنَ مَكْرَ اللهِ