خاتم الذهب 3
سنن النسائي
أخبرني محمد بن آدم، عن عبد الرحيم، عن زكريا، عن أبي إسحق، عن هبيرة، عن علي قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب، وعن القسي، وعن المياثر الحمر»
كان التَّابعون رَحِمَهمُ اللهُ تعالى يَلزمونَ أصحابَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ ليتَعلَّموا مِنهم أوامرَ الشَّريعةِ ونواهِيَها
وفي هذا الحديثِ يَحكي التَّابعيُّ مالكُ بنُ عُمَيْرٍ أنَّه: "جاء صَعصعَةُ بنُ صُوحانَ إلى عَليٍّ"، وكان صَعصعَةُ منَ التَّابعينَ المُخضرمينَ، وكان قد شَهِدَ مع عليٍّ رضي اللهُ عنه صِفِّينَ، "فقال: انْهَنا عمَّا نَهاك عنه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، فقال عليٌّ رضي اللهُ عنه: "نَهانا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنِ: الدُّبَّاءِ"، أي: وِعاءِ الدُّبَّاءِ، وهو القَرعُ إذا يَبِسَ وجفَّ استُخْدِمَ وعاءً، "والحَنتَمِ"، وهو نَوعٌ منَ الأواني المَصنوعةِ مِن الطِّينِ والشَّعرِ والدَّمِ ، "والنَّقيرِ"، وهو ما يُنقَرُ ويُجوَّفُ مِن جُذوعِ النَّخلِ، والمَقصودُ هنا بالنَّهيِ عنِ النَّقيرِ والحَنتمِ والدُّبَّاءِ هو النَّهيُ عنِ اتِّخاذِها أوعيةً للنَّبيذِ وتَركِه فيها حتَّى يشتَدَّ ويُسكِرَ، "والجِعَةُ"، وهي نَقعُ الشَّعيرِ أوِ الحنطَةِ حتَّى تحوَّلَ خَمرًا
قال عليٌّ رضي اللهُ عنه: "وَنهانا عَن حلقةِ الذَّهبِ"، أي: عَن لُبسِ خاتمِ الذَّهبِ للرِّجالِ، "ولُبسِ الحريرِ"، أي: للرِّجالِ فإنَّما يحِلُّ الذَّهبُ والحريرُ للنِّساءِ، "ولُبسِ القَسِّيِّ"، وهيَ ثيابٌ مِن كَتَّانٍ مخلوطٍ بحريرٍ، يُؤتَى بِها مِن مصرَ، نُسِبَت إلى قَريةٍ على ساحلِ البَحرِ، قريبًا من تِنِّيسَ، يُقال لها: القَسُّ بالفَتحِ، وقيل: القَسُّ أصلُهُ القَرُّ، وهو نوعٌ منَ الحريرِ، "والميثَرةِ الحَمراءِ"، وهي فَرْشٌ كانتْ تَصنَعُها العَجمُ لتُوضَعَ تحتَ الرَّاكبِ على الدَّوابِّ مِثل السَّرجِ، وكانت تُصنَعُ منَ الحريرِ وتُحشى بالقُطنِ
وقد ثبَت عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما يَنسَخُ النَّهيَ عن استخدامِ الأوعيَةِ المُشارِ إليها؛ ففي صَحيحِ مُسلمٍ عن بُريدَةَ الأسلميِّ رضي اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "نَهيتُكُم عنِ النَّبيذِ إلَّا في سِقاءٍ، فاشرَبوا في الأسقيَةِ كلِّها، ولا تَشرَبوا مُسكِرًا"