ذكر ما يقطع الصلاة وما لا يقطع إذا لم يكن بين يدي المصلي سترة 2
سنن النسائي
أخبرنا عمرو بن علي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثني شعبة وهشام، عن قتادة قال: قلت لجابر بن زيد: ما يقطع الصلاة؟ قال: كان ابن عباس يقول: «المرأة الحائض والكلب» قال: يحيى رفعه شعبة
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأمُرُ باتِّخاذِ سُترةٍ عند الصَّلاةِ حتَّى لا يَمرَّ من أمامِه ما يَقطعُ على المرءِ صلاتَه؛ فالمصلِّي بحَاجةٍ إلى الابتِعادِ عن كلِّ ما يَشغلُه في صَلاتِه ويحولُ بينَه وبينها؛ ولذلك شُرِع للمُصلِّي دْفْعُ المارِّ بين يدَيْه
ويدلُّ هذا الحديثُ على ذلك، وفيه يقولُ التابعيُّ قَتادةُ بنُ دِعامةَ السَّدوسِيُّ: "قلتُ لجابرِ بنِ زيدٍ: ما يَقطعُ الصَّلاةَ؟" أي: يُبطلُها، أو يُقلِّلُ ثوابَها فيكونُ المرادُ بالقَطعِ نَقْصُ الصَّلاةِ؛ لشَغلِ القَلبِ بهذه الأشياءِ، وليس المرادُ إبطالَها، والمعنى: ما الأشياءُ الَّتي إذا ما مرَّتْ من أمامِ المصلِّي وليس بينها وبينَه سُتْرةٌ قَطعتْ عليه صَلاتَه؟، فقال جابرُ بنُ زيدٍ: "كان ابنُ عبَّاسٍ يقولُ: المرأةُ الحائضُ"، أي: البالِغةُ التي بلَغَتْ سِنَّ المحيضِ تَقطَعُ صلاةَ الرَّجُلِ؛ فلفظُ "الحائضِ" ليس تَقييدًا بأنْ تكونَ المرأةُ في حالةِ حَيضٍ أو في فَترةِ نُزولِ دَمِ الحيضِ، وإنَّما المقصودُ بالحائضِ البالغةُ، فتَخرجُ الصَّغيرةُ الَّتي لم تَحِضْ من هذا الحُكمِ، ومِن هذا قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لا يَقبَلُ اللهُ صلاةَ حائضٍ إلَّا بخِمارٍ"، وهذا أخرجَه أبو داودَ والترمذيُّ وابنُ ماجه. والذي يَقطَعُ صلاةَ الرجُلِ هو مرورُ المرأةِ، أما إذا كانتْ مُضطجِعةً مُعترِضةً فلا تقطَعُ الصلاةَ حِينئذٍ؛ ففي الصَّحيحينِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُصلِّي في بيتِه وعائشةُ نائمةٌ مُعترِضةٌ بينَه وبَينَ القِبلةِ
قال: "والكلبُ"، وفي روايةِ التِّرمذيِّ من حديثِ أبي ذرٍّ رضي اللهُ عنه، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إذا صلَّى الرَّجلُ وليس بين يديه كآخِرةِ الرَّحْلِ، أو كواسطَةِ الرَّحْلِ؛ قَطَعَ صلاتَه الكلبُ الأسودُ، والمرأةُ، والحِمارُ"، وقد تقيَّد الكلبُ في تِلك الرِّوايةِ بالأسودِ؛ وذلك لأنَّه شيطانٌ كما جاء في باقي الرِّوايةِ