طرح الخاتم وترك لبسه 4
سنن النسائي
أخبرنا إسحق بن إبراهيم، قال: أنبأنا محمد بن بشر، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من ذهب، وجعل فصه مما يلي بطن كفه، فاتخذ الناس الخواتيم، فألقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «لا ألبسه أبدا» ثم اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من ورق، فأدخله في يده، ثم كان في يد أبي بكر، ثم كان في يد عمر، ثم كان في يد عثمان حتى هلك في بئر أريس "
علَّمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُمَّتَه الحَلالَ والحرامَ في كلِّ شَيءٍ، وكان ربَّما يَفعَلُ الأمرَ أوَّلًا، ثم يَنزِلُ فيه الحُكمُ فيُنهى عنه؛ ليَعلَمَ النَّاسُ أنَّ الأمرَ والنَّهيَ في الحلالِ والحرامِ كُلُّه من اللهِ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَبِس خَاتَمًا مِن ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ -شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي- وكان يَجعَلُ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي باطِنَ كَفِّه، وفَصُّ الخاتَمِ: ما يُركَّبُ في مُنتصَفِ الخاتَمِ، وعادةً يكونُ مِن نَفْسِ المَعدِنِ الذي صُنِعَ منه الخاتَمُ، أو يكونُ مِن أحْجارٍ، وكان نَقْشُ هذا الفَصِّ: «مُحَمَّدٌ رسولُ اللهِ»، فلما رآه الناسُ فَعَلوا مِثْلَه، فاتخَذَ الرِّجالُ لأنفُسَهم خَوَاتِمَ مِن ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ مِثْلَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا رآهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَبِسُوها، ثُمَّ لما حُرِّمَ الذَّهَبُ على الرِّجالِ، رَمَى به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولَبِس مَكانَه خاتَمًا مِن فِضَّةٍ، فلَبِس النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِن فِضَّةٍ مِثلَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. وقد ثبَتَ تحريمُ الذَّهبِ على الرِّجالِ في السُّنَّةِ، والسُّنَّةُ وحيٌ، وقد قال اللهُ تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]. ومِن النُّصوصِ التي حرَّمتِ الذَّهبَ على الرِّجالِ ما ورَدَ في الصَّحيحَينِ، عن البَراءِ بنِ عازبٍ رضِيَ اللهُ عنهما، قال: «نهانا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن سبْعِ؛ نهانا عن خاتَمِ الذَّهبِ» الحَديثَ
وقد لَبِس خاتَمَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعْدِ مَوتِه خُلَفاؤُه أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، ثُمَّ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، ثُمَّ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ رِضوانُ اللهِ عليهم أجْمعين، إلى أنْ وَقَع هذا الخاتَمُ مِن عُثْمَانَ في بِئْرِ أَرِيسٍ، وهي بِئرٌ بالقُرْبِ مِن مَسجدِ قُبَاءٍ