قوله عز وجل {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون} [البقرة: 267] 1
سنن النسائي
أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، والحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن وهب، قال: حدثني عبد الجليل بن حميد اليحصبي، أن ابن شهاب، حدثه، قال: حدثني أبو أمامة بن سهل بن حنيف، في الآية التي قال الله عز وجل: {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون} [البقرة: 267]، قال: هو الجعرور ولون حبيق «فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تؤخذ في الصدقة الرذالة»
الزَّكاةُ رُكنٌ مِن أركانِ الإسلامِ، وقد حَدَّد الشَّرعُ ما تَجِبُ فيه الزَّكاةُ، مِن الأموالِ والعُروضِ والزُّروعِ والثِّمارِ، كما قد بيَّن أنَّ هناك أشياءَ مَعفُوًّا عن الزَّكاةِ فيها، وكذلك أمَر المتصدِّقين والمزكِّين بإخراجِ الزَّكاةِ ممَّا يُحِبُّونه مِن أموالِهم ومِن أوسَطِها، وعدَمِ الشُّحِّ والبُخلِ وإخراجِ الرَّديءِ حتَّى يُبارِكَ اللهُ في الأموالِ
وفي هذا الحديثِ يقول ابْنَ شِهَابٍ الزهري: حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ في الآية" أي:حدثني فيما يخص معنى الآية " الَّتي قال الله عزَّ وجلَّ: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267]، والمعنى: لا تَقصِدوا ولا تَعمِدوا إلى الرَّديءِ والسيِّئِ مِن أموالِكم فتُخرِجُوه للهِ تعالى، وتَحتفِظوا بالجيِّدِ لأنفسِكم، وكان بعضُ الناسِ يَطلُبون شرَّ ثمارِهم، فيُخرجونَها في الصَّدقةِ؛ لأنَّهم كانوا في المدينةِ أهلَ زَرْعٍ ونَخلٍ؛ ولذلك فسَّرها سهلُ بنُ حُنَيفٍ، فقال: "هو الجُعْرورُ" وهو نوعٌ من التَّمرِ، صُغيرُ الحجمِ لا خيرَ فيه لردائتِه، "ولَونُ حُبَيقٍ"، تمرٌ صغيرٌ، رديءٌ، أغبرُ اللونِ، فيه طولٌ، فهُما إذن مِن أنواعِ التَّمرِ الرَّديءِ؛ "فنهى رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: أن تُؤخَذَ في الصَّدقةِ الرُّذَالةُ"، أي: نَهى أن تُؤخَذَ الصَّدقةُ والزَّكاةُ مِن أرذَلِ المالِ، أي: أرْدَئِه وأخَسِّه، بل تَخرُجُ مِن أوسطِه، وهذا المعنى عام في كل أنواع الأموال وليس في الثمار فقط، كما قال الله :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267]
وفي الحديثِ: الحثُّ على إخراجِ الزَّكاةِ والصَّدقاتِ مِن أوسَطِ المالِ، والبُعدِ عن أردَئِه