ما يكره من الخطبة
سنن النسائي
أخبرنا إسحق بن منصور، قال: أنبأنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن عبد العزيز، عن تميم بن طرفة، عن عدي بن حاتم، قال: تشهد رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أحدهما: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بئس الخطيب أنت»
الخَطابةُ منَ الأُمورِ المُهمَّةِ؛ لأنَّها تُعبِّرُ عنِ النَّفسِ وما فيها، ويَنبَغي أنْ تكونَ الخُطبةُ واضحةً ومَفهومةً للجَميعِ، وخاليةً منَ الكَلماتِ والمَعاني المحتَمَلةِ الَّتي قد يُساءُ فَهمُها، أو قد تُحمَلُ على غَيرِ المَعنى الَّذي يُريدُه الخَطيبُ
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي عَديُّ بنُ حاتمٍ الطَّائيُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمَّا سَمِعَ رجُلًا يَخطُبُ يَقولُ: «مَن يُطعِ اللهَ ورَسولَه فقدْ رشَدَ»، والرُّشْدُ: إصابةُ الحقِّ والصَّوابِ، «ومَن يَعصِهِما فقدْ غَوى»، أي: انهمَكَ في الشرِّ وضلَّ عن طريقِ الحقِّ، فقالَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُعلِّمًا إيَّاهُ بشِدَّةٍ وزَجْرٍ -وهو أُسلوبٌ مِن أساليبِ تَعليمِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «بئسَ الخَطيبُ أنتَ! قلْ: ومَن يَعصِ اللهَ ورَسولَه»، وليس «يَعصِهما»، نبَّهَهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى التَّحفُّظِ مِن إيرادِ أمْثالِ ذلكَ في الخُطبِ والمَقاماتِ المَشهودةِ؛ لأنَّ الأصلَ فيها البَسطُ والتَّوضيحُ، وتَجنُّبُ الرُّموزِ والإشاراتِ، بِخلافِ التَّعليمِ، فكلَّما قلَّ اللَّفظُ كانَ أقرَبَ إلى الحفْظِ
وفي الحَديثِ: إنْكارُ المنكَرِ لمَن كان أهْلًا للإنْكارِ