مبادرة الإمام 1
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة قال: حدثنا حماد، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة قال: قال محمد صلى الله عليه وسلم: «ألا يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار»
لِصَلاةِ الجَماعةِ ضَوابِطُ وقَواعِدُ يَنبَغي مُراعاتُها وتَعلُّمُها، ومِن أهَمِّ هذه القَواعِدِ الاقتِداءُ التَّامُّ بالإمامِ؛ فإنَّما جُعِلَ الإمامُ لِيُؤتَمَّ به
وفي هذا الحَديثِ يُحَذِّرُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المأْمومينَ مِن عَدَمِ مُتابَعةِ إمامِهم، ورَفْعِ رُؤوسِهم قَبلَ أنْ يَرفَعَ الإمامُ رأْسَه مِنَ الرُّكوعِ، وتَوَعَّدَ مَن يَفعَلُ ذلك بأنْ يَجعَلَ اللهُ رأْسَه رأسَ حِمارٍ، فقال: «أمَا يَخشى أحَدُكم إذا رَفَعَ رأْسَه قَبلَ الإمامِ أنْ يَجعَلَ اللهُ رأْسَه رأْسَ حِمارٍ؟! -أو يَجعَلَ صُورَتَه صُورةَ حِمارٍ؟!-» وهذا استِفهامٌ لِلتَّوبيخِ والإنكارِ، ويَحتَمِلُ أنْ يَرجِعَ المَعنى إلى أمْرٍ مَعنَويٍّ؛ فإنَّ الحِمارَ مَوصوفٌ بالبَلادةِ، وكأنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصِفُ مَن يَفعَلُ هذا بالبَلادةِ وقِلَّةِ الفَهمِ، أو أنْ يُسلَبَ نِعمةَ الفَهمِ، ويَكونَ مِثلَ الحِمارِ. ويَحتَمِلُ أنْ يَكونَ ذلك على ظاهِرِه، فيُحَوِّلَ اللهُ رأْسَه رأْسَ حِمارٍ حَقيقةً، وهذا فيه تَحذيرٌ وتَنفيرٌ شَديدانِ مِن عَدَمِ مُتابَعةِ الإمامِ، وسَبْقِه في أفعالِ الصَّلاةِ
وفي الحَديثِ: النَّهيُ عن مُسابَقةِ الإمامِ.وفيه: الوَعيدُ الشَّديدُ لِمَن رَفَعَ رأْسَه قَبلَ الإمامِ