محاضرة 20
بطاقات دعوية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله.
هذه المحاضرة هى العشرون من علم العقيدة وذكرتُ عدة أمورٍفى المحاضرة السابقة منها:-
تكلمت عن هداية الطريق وهى النوعُ الرابعَ من أنواعِ الهداية.
وكذك بينتُ أن النبىّ صلى الله عليه وسلم خيارٌ من خيارٍ من خيارٍ من خيار.
وكذلك بينتُ أن أبا بكرٍرضي الله عنه خيارٌ من خيارٍ من خيارٍ من خيار بإعتبارِ الناس.
وكذلك بينتُ أن الفرقةَ الناجية هى ما كانت على ما كان عليه النبىّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه عليهم السلام وفى روايةٍ (أنهم الجماعة ).
وبينتُ أن الجماعات المعروفة اليوم ليست هى الفرق المتوعدة فى الحديث (ستفترق أمتى على ثلاثٍ وسبعين فرقة).
بينتُ أن تكوين الجماعات لا يجوزُ ويجب أن يجتمعوا تحت رايةٍ واحدة برأسٍ واحدة على منهج واحد وهو كتابُ الله وسنةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم .
كذلك بينتُ الفرقَ بين نحمدهُ وأشهدُ ، بينتُ أن نحمده جاءت بصيغة الجمع لأنه يجوزُ فيها النيابة والوكالة إلى آخره ، أما أشهدُ فلا نيابة فيها .
وكذلك بينتُ الفرقُ بين الحمدِ والشكر وتفصيلُها فى علمِ الفروقِ والمفاضلات وقد بينتُها بالتفصيل.
واليوم إن شاء الله تعالى نبدأ من ما يجبُ على العبدِ أن يعتقده قد يظنُ الظانّ أنى تكلمتُ عن هذه الجزئية من قبل وهو فى الحقيقةِ صادقٌ، تكلمتُ عنها ولكن كلامى عنها فى هذه المرة يختلَفُ عن السابق ، لأننى أقصِدُ أن أؤصلُ أصلاً تنتبهُ له فى كلِ أموركَ طالما أنك تتكلمُ فى هذا الدين وهذا الأصلُ من الممكن أن يظهر لما تكلمتُ عن أركانُ الإيمانِ وقلتُ أنها ستةٌ:-
الإيمانُ بالله ، وملائكتهِ ،وكتبهِ،ورسلهِ ،واليومِ الآخرِ،والقدرِ خيرهِ وشرهِ ، فلما تكلمتُ عن هذا المعنى جئتُ بآيتين من سورة البقرة آية ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) سورة البقرة :285
فوقفت عند هذه وقلتُ هذه الآية ذكرت خمسة أركانٍ ولكن هى فى الحقيقةِ لو تدبرت الأمر إن الله تعالى قد ذكر الستة كاملة مُكملة ، وهذه هى التى أريدُ أن أبينُها لك.
ما الذى أريد أن أبينه ؟
ليس كلُ شىءٍ فى هذا الدين يأتى منطوقاً صريحاً ، فلو كان الأمرُ كذلك إذاً ما فائدةُ أهلِ العلم؟
إذا كان الأمرُ كذلك ما فائدةُ قولهِ تعالى ؟:( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) [سورة النساء :83 ]
إذاً يوجدُ استنباط لذلك الشرعُ يثبتُ بطريقين وليس بطريقٍ واحد :-
الطريقُ الأول / ما ورد به الشرع ويقصدُ ما جاء منطوقاً صريحاً.
الطريق الثانى / ما دل عليه الشرع
ومما لا شك فيه هذه الثانية هى معظمُ الشريعة، لأن الشريعة لو كانت بما ورد به الشرع لأحتجنا إلى آلاف بل إلى ملايين المجلدات لنتعرفَ على كلِ مسألةٍ ، فياتُرى هل من الممكن من هذه الآية أن أذكرَ أو أن أُثبتَ الركنُ السادس ؟ ( كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر )
إذا الناقصُ ماذا ؟ الإيمانُ بالقدرِ خيرهِ وشرهِ.
هذه هى التى نريدُ أن نثبتهُا فإن قوله ( كل آمن بالله وملائكته) هذا ما ورد به الشرعُ منطوقاً صريحاً لا يحتاجُ إلى فهمٍ ، ولكن المشكلة أن هناك ركناً سادساً يُخيلُ لبعضِ الناسِ أنه لم يُذكرَ بل والله ذُ كر هنا وهو قوله تعالى (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ) أريدُ أن أقفُ هنا وقفة .
سِمعنا سِمعنا ماذا؟
سِمعنا الوحى
سِمعنا ماذا ؟
سِمعنا نصوصُ الكتابِ ونصوصِ السنةِ ، فهذا علمٌ وأنتم تعلمون أن العلم سابقٌ لماذا؟ سابقٌ للعمل فلما قالوا سمعنا وأطعنا والطاعة هى فعلُ المأمور وتركُ المحظور إذاً جاء العلمُ وجاء العملُ ، انتبه ! إلى قوله تعالى ( وأطعنا )
أليستُ الطاعةُ هنا هى فعلُ المأموروترك المحظور أمرٌ اختيارى هم أرتضوه ؟
قلنا بلى وربِ الكعبة
لذلك هذه الآية إلى هنا (سمعنا وأطعنا) ردٌ على الجبرية الذين يزعمون أننا مجبورون على ما نفعله عياذاً بالله تعالى !
وهذا مما لا شك فيه ضلالٌ مبين عياذاً بالله تعالى.
لذلك هذه الجزئية أثبتت الردُ على الجبرية إذاً أثبتت جزء القدر.
إذاً بقى جزءٌ فى غاية الخطورة ألا وهو الردُ على القدرية ، انظر ماذا يقول (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ) سمعنا وأطعنا قد يحصلُ تقصيرٌ من بعض الناس فيتركُ بعض المأمور ويفعل بعض المحظوروهذا ذنب ، هذا الذنبُ تعلق بفاعلهِ ماذا؟ تعلق به اسمُ هذا الذنب عياذاً بالله تعالى فياترى ما هو سلوك القدرية هنا ؟ وما هو سلوك أهل السنة هنا ؟ سلوكُ أهل السنة قالوا غفرانك، أما سلوكُ القدرية عياذاً بالله تعالى يقولون هذا قدرٌ مكتوبٌ علينا ولابد وأن نفعله عياذاً بالله تعالى، وهذا هو الفرقُ بين مَنْ ؟
بين آدم على نبينا وعليه الصلاة والسلام وبين إبليس الملعون حيثُ قال ( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) [سورة الحجر : 39 ]
انظر ماذا يقول آدم على نبينا وعليه الصلاة والسلام لما ترك بعض المأمور أو فعل بعض المحظور؟: ( قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) [سورة الأعراف : 23 ]
إذا تبين من قوله تعالى (غفرانك) هذا ردٌ صريح على القدرية ، إذاً فى حقيقةِ الأمر قوله تعالى (سمعنا وأطعنا غفرانك) هذا هو الركنُ السادس الذى ثبت بما دل عليه الشرع ولم يثبتَ بما ورد به الشرع ، وكذلك الآيةُ الآخرى البر كما سيأتى إن شاء الله تعالى ، وعليه لابد وأن تنتبه إلى هذا المعنى لا تنفى شيئاً لا تعلُمه بدعوى أنه لم يرد نصٌ بذلك فقد يكونُ والله النصُ تعرفهُ ، ولكن لا قدرةَ لك على استخراج ما تريد منه وهذه عياذاً بالله تعالى أدت أن أقواماً قالت كلاماً أو نفت أحكاماً شرعية بزعم لم يرد بها النص يقصُدون ما ورد به النص أى منطوقاً صريحاً ومن قال أن هذا الدينُ لا يثبتُ إلا بذلك! هذا والله ضلالٌ مبين نسأل الله السلامة والعافية.
فى الحقيقة هذه الآية ( كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) سورة البقرة :285
لا نفرق بين أحدٍ من رسله ، هذه الجزئية من هذه الآية أُرجئها قليلاً ، لأن فيها فائدة فى غايةِ الخطورة تتعلق بيها جمهرة من المسائل العقدية والمسائل الفقهية كما سيأتى عن قريبٍ إن شاء الله تعالى، نفس هذه القضية هى بعينها موجودة فى قوله تعالى
( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [سورة البقرة :177]
ذكر خمسة أين القضاء والقدر ؟ أين القدر خيرهُ وشرهُ؟
انظر كيف يُمكنك أن تستنبطه من هذه الآية ، لما قال (وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ) هذا هو الخبر والخبرُ علم وهذا بمنزلةِ سمِعنا، وقوله (وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا) كل هذا عمل بمنزلة وأطعنا فبطل قول الجبرية .
طيب مما لا شك فيه بعضُ الناس قد يُفرطُ بأن يتركَ بعض المأمور أو يفعلَ بعض المحظور عياذاً بالله تعالى، لذلك لو نظرت إلى تتمة الآية (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ )
ما هذه القضية العجيبة؟
القضية واضحة تماماً كما قلنا هذه ردت على الجبرية إذاً ما بقىَ إلا أن نُوجهَ (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ)
أى عياذاً بالله تعالى من وقع منه الذنب صبر واحتسب واستغفر المولى تعالى ، وإذا جائته الضراء انتقل مباشرةً إلى مسألةٍ فى غايةِ الخطورة ألا وهى أنه يحمد الله تعالى فى جميع أحواله ، فثبت قولُه (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ) فهذه الآية لو نظرتَ إليها وجدتها تضمنت ثلاث مسائل فى غاية الأهمية :-
المسألة الأولى/ ردت على الجبرية.
المسألة الثانية/ ردت على القدرية.
المسألة الثالثة/ أثبتت الركن السادس للإيمان وهو الإيمانُ بالقدر.
فى الحقيقة هذه الآية فيها مسألة أومسألتين لابد من التنبيه عليه، تتذكرون الآية (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ) هكذا البر منصوبة الآية التى بعدها ببضع ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [سورة البقرة : 189 ]
مرةً ( لَيْسَ الْبِرَّ) منصوبة، ومرةً ( وَلَيْسَ الْبِرُّ ) مرفوعة فما هذه القصة؟
لابد وأن تنتبه للكلام جيداً!
(ليس ) فعلٌ جامد وهو من أخوات كان يعنى ناقص وبتدخل على الجملة الأسمية ترفعُ المبتدأ وبيسمى اسمها وتنصبُ الخبرُ ويسمها بخبرها ، ولكن هنا الآية ( لَيْسَ الْبِرَّ) والآية بعدها بقليل ( وَلَيْسَ الْبِرُّ ) إذاً ( وَلَيْسَ الْبِرُّ ) هذه سهلة فالبرُ اسم ماذا؟ اسم ليس واضحة، أريدُ أن أوضحُ هنا على جزئية فى غايةِ الأهمية خبرُ ليس فى الغالب الأغلب لابد وأن يتصل بالباء
(وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ) ومثلها (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [سورة آل عمران : 182]
ومثلها تماماً (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) [سورة الأنعام:53] فانتبه لهذه جيداً !
إذا الآية (وليس البرُ ) أتت على النسقِ المعروف وإن كان الخبر يحتاجُ إلى مجهود ( وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا) أى بإيتائِكم البيوتَ من ظهورها ، يعنى إذا رجعوا من الحج عياذاً بالله تعالى لا يدخلون من البيوت من البابِ الرئيسى زعماً أن هذا ينافى مناسك الحج فكان ينقرون فى خلفِ البيت ويدخلون منه عياذاً بالله تعالى.
ما بقىّ لنا إلا الآية التى نتحدثُ فيها (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ) فى الحقيقة البر هنا خبر ليس ولكن مقدم وهذا يجوزُ مما لا شك فيه ، إذاً أين اسمها ؟ اسمُها ( أن تولوا) أنْ هذه أنْ المصدرية يُمكن سبكُها مع الفعل الذى بعدها أو الفعل الذى سُلطت عليه بمصدر مضاف إلى الضمير ، إذاً معنى الكلام ليس البر توليتكم أو توليةِ وجوهكِم قبل المشرق والمغرب على تفصيلٍ بيناه فى علم النحو فهذه مهمة أيضاً ، فأنا بقدر الإمكان اجتهد ألا أفوتَ شيئاً يتعلقُ بعلومٍ آخرى .
وكذلك النبىصلى الله عليه وسلم كما بينا آنفا أيضاً فى حديث جبريل الطويل الذى جاء فيه إلى النبى صلى الله عليه وسلم فسأله:-
ما الإسلام ؟ ما الإيمان؟ما الإحسان؟
فعند الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدرِ خيرهِ وشرهِ ، فهنا ذكر الستة وهذا ليس فيه جديد، ولكن مما لا شك فيه توجد هنا جمهرة من المسائل أريدُ أن أذكر بعضها :-
أن الحديث أثبت أركان الإيمان كما أسلفنا وعدها ستة ،لذلك قلتُ أركان الإيمانُ ستة وإياك أن تفهم هى وفقط هذا كلامٌ فى غايةِ الخطورة ، كما أقولُ لك بنىّ الإسلامُ على خمس كذا وكذا وكذا وكذا وكذا .
وأنا لو سألتُك الجهاد ركنٌ من أركانِ هذا الدين أم لا ؟
الجواب / نعم
الأمر بالمعروفِ والنهى عن المنكر ركنٌ من أركان هذا الدينِ أم لا ؟
الجواب / نعم
إذاً ما قصة أنهم خمسة ؟ ما قصة أنهم ستة ؟
هذا بحثٌ طويل ولكن بمشيئة الله سأذكرهُ بشىءٍ من التفصيل قريباً ، ولكن توجدُ مسألةٌ آخرى فى غاية الأهمية.
ألا تلحظ أن العامل تكرر عند الركن السادس يعنى :-
أن تُومن بالله هذا فعلٌ
وملائكته ولم يقل تؤمنُ بالملائكة
وكتبه ولم يقل تؤمنُ بكتبه
ورسله واليومِ الآخرِ
وجاء عند القدر وقال ماذا؟ وتؤمنُ بالقدرِ خيره وشرهِ
فياترى ما السرُ فى ذلك ؟
قطعاً هُنا عدة أوجهٌ أذكرُ منها :
أن كثرةَ المعطوفات يعنى لو قلتُ (جاء محمد وعلى ) (جاء محمد وأبو بكروعمر وعثمان وعلى) عند العطف عطوفات كثيرة قد يغيب العامل عنك أنت كمتكلم فما بالكُ والسامع، فلو قلتَ ( جاء محمد وأبو بكر وعمر وعثمان وجاء على ) وضحت فهنا نفس هذه القضية أن كثرة المعطوفات قد تنسىِ العامل وقد تغفل عنه فلما قال وتؤمنُ بالقدرِ خيره وشرهِ كأنهُ يريدُ أن يقولَ لك أذكر هذه ولك ولمن يسمع حتى لا يغيبَ المذكور عن عاملهِ الذى هو متعلقٌ به بأى وجهٍ من الوجوه النحوية ، لذلك أنت كذلك لما تتكلم كلام فيه معطوفات كثيرة لا تكتفى بأصل الشىء المسلط على الكلام بل كل فترة عليك إعادة أوتكرار هذا العامل فإن فيه فائدةٌ كبيرة ، ولكن فى الحقيقة هناك وجهٌ آخر لا يقل عن هذا الوجهِ أهمية والذى يخصنا فى هذا الحديث أن تكرار العامل (وتؤمن بالقدر خيرهِ وشرهِ) تنبيهٌ فى غايةِ الأهمية أن الإيمانَ بالقدرِ خيرهِ وشرهِ هو سببُ الفلاحُ والنجاح وأن العبث بهذا الركن هو أكثُر ضلال العالمين ولو أحبننا أن نضربَ مثال أنا أسأل هل المشركون كانوا يكذبون النبى صلى الله عليه وسلم ؟
قال الله تعالى ( قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ) [سورة الأنعام:33]
أنتهت المسألة واضحة
إذا ما هى القضية ؟
القضية أنهم عبثوا بهذا الركن مرةً بالطعنِ فى ذاتِ النبىّ صلى الله عليه وسلم وهذا هو الأصل الأصيل الذى اعتمدوا عليه
مرةٌ ساحر
مرةٌ مجنون
مرة كذا مرة كذا إلى آخره كما تعلمون
لذلك أكثرُ الضلال يأتى عياذاً بالله تعالى من هذا الباب بمعنى إذا أصاب العبد ضراء كفر عياذاً بالله تعالى ، وإن أصابته سراء لم يشكر عياذاً بالله تعالى ، فأظنُ والله أعلم أن الوجهين فى هذا الكلام من مضامين هذا الكلام .
الشىءُ الثالث / فى هذا الحديث هو أن السائل جاهلٌ ،أنا أسألُك سؤالاً مثلاً إذاً أنا أجهلُ الجواب هذا هو الأصل ، ولكن المشكلة أن السائلَ هو جبريل عليه السلام هذه واحدة ،ما الإسلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا وكذا وكذا ،قال جبريل عليه السلام صدقت ، انظر الحديث فتعجب الصحابة ! تعجبوا من ماذا؟ هذا سائل فكيف إذا أجابه العالم ؟يقول للعالم صدقت هو لا يدرى الجواب أصلاً فكيف يقول صدقت ؟ فتعجب الصحابة عليهم السلام من ذلك ، ولكن هنا المسألة التى ممكن أن نستفيد منها هنا فى غاية الأهمية أنه من الممكنِ أن تسأل سؤالاً بقصد تعليم غيرك ، لذلك جبريل عليه السلام لما سأل النبىّ صلى الله عليه وسلم هذه الأسئلة نبينا صلى الله عليه وسلم فى آخر الحديث ماذا قال؟
قال هذا جبريل جائكم يعلمُكم دينكم ، إذاً القضية ماذا؟ هو لا يسألُ لنفسه إنما سأل لتعليمِ غيرهِ فهنا يمكنُ لبعضِ الناس أن يسألوا أسئلةً بقصد تنبيه الحاضرين إلى الجواب ولكن عياذاً بالله تعالى هنا مدخلٌ للشيطان فى غايةِ الخطورة ، لأن هذا يحتاجُ إلى نية ، ياتُرى الرعونة والتعالى على الناس كما نسمعُ فى زمنٍ مضى من الزمان فى المحاضرات فى المساجد كثيرٌ من الناسِ يسألون أسئلة هم يعلمون جوابها ولا يقصدون إلا أنهم يرفعوا أنفسهم درجةً على الناس وهذا بالخبرة نعرفُ هذا الكلام ولكن لابد من النية ،الرعونة غير مطلوبة ، التعالى ليس مطلباً شرعياً ، تريدُ أن تنبه الجالسين لأهميةِ هذا السؤال ، تريدُ أن تسوقَ إخوانك إلى الخير فنعم ما فعلت ، أما وصف التعالى والرعونة وإثباتُ الذات والشهرة وغير ذلك عياذاً بالله تعالى لا يليقُ بمسلمٍ ،أيضاً أظنُ أن هذا الحديث فيه أيضاً مسالةٌ تحتاج إلى كلامٍ.
(إذ طلع علينا ) إذ غريبة جداً فى ( إذ) وهناك (إذا) إياك أن تُخلَط بينهما بينهما فروق فى غايةِ الخطورة ،لذلك أنا سأذكرُ فرقاً أو أثنين على عجالة لأنها مسألة كبيرة وأنا كتبتُ فيها أكثرَ من ورقة ولكن سأبحثُ عنها وأدرجها فى باب الفروق والمفاضلات،
إذ ظرف لما مضى من الزمان
إذا ظرف لما استقبل من الزمان
فارقٌ واضح
(إذ طلع علينا ) هذا ماضى صحيح ،طيب إذ تدخلُ على الجملة الفعلية وعلى الجملة الأسمية
(إذا ) لا يمكن أن تدخلَ إلا على الجملة الفعلية
بل أعجبُ من ذلك أن ( إذا) إذا دخلت على الجملة الفعلية الماضوية تدخل على الماضى ( إذا جاء نصر الله والفتح )
جاء فعل ماضى ، هل هو جاء تقلبُ الفعل الماضى إلى المضارع فى المعنى لذلك هذه فى غاية الخطورة واضحة وسيأتى الكلام إن شاء الله تعالى عنها بشىءٍ من التفصيل ، قد يقولُ القائل لقد قلت أن إذا لا تدخل إلا على الجملة الفعلية طيب بالنسبة لقول الله تعالى ( إذا السماء أنفطرت) هنا دخلت على الجملة الاسمية ، يستحيل كارثة أن تقول أن السماء مبتدأ ، بل السماء هنا فاعل لفعل محذوف يُفهم من الذى بعده (أى إذا أنفطرت السماء أنفطرت ) هذا معنى الكلام عند العرب وقلتُ إن شاء الله تعالى سأثبتُ لك لها تفصيل ، ما المشكلة ؟ المشكلة فى فهم النصوص الشرعية لذلك سنُدخلَ مئات المسائل إن لم يكن الآلاف ونحنُ نتكلم ، أنا أعطيك مثال لغط غريب لا معنى له إلا أن المتكلم لا يدرى عن لغة العرب.
ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلاالمكتوبة )
قلنا إذا إذا دخلت على الفعل الماضى قلبتهُ فى المعنى إلى مضارع ،إذاً قوله ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلاالمكتوبة)
الصلاة المنفية متى ؟ إذا أقيمت الصلاة يعنى أثناء الإقامة أو تمت الإقامة لو صليت نفل هذا لا يجوز وهذه الصلاة باطلة لأن قوله ( لا صلاة ) لا هنا النافية للجنس وشروطها الستة قد توفرت فتبين أنه لا صلاة أصلاً هذه الصلاة منعدمة ، لذلك لو صلى إنسان قبل الإقامة وهو يُصلى النفل إذا بمقيم الشعائر أقام الصلاة هو أميرُ نفسهِ إن شاء أمضى الصلاة وإن شاء خرج منها بغير تسليم ، خرج منها بماذا؟ بغير تسليم ولا يستطيع أحد أن يجبره على الخروج فإن خرج هو أمير نفسه مثلهمثل صائم النفل هو أمير نفسه إن شاء كذا وإن شاء كذا إلى آخره فى الحديث ، إذاً فى الحقيقة من الممكن أن نمر على كثيرٍ من المسائل بهذه الطريقة.
المسألة الأخيرة / ذكرتُ طرفاً منها قريباً فى آخر الحديث قال صلى الله عليه وسلم ( هذا جبريلُ عليه السلام جاءكم يعلمكم دينَكم ) جميلة خالص ، إذاً الدين هو مجموع الإسلام والإيمان والإحسان ، إذاً الدين درجات ثلاثة أقلُها :
أن تكون مسلماً
التى أعلى منها أن تكون مؤمناً
التى أعلى منها أن تكون محسناً
بل كل درجة من هذه الدرجات درجات لا يحصيها إلا الله
هل الإحسان شىءٌ واحد ؟ يستحيل
هل الإيمان شىءٌ واحد ؟ يستحيل
هل الإسلام شىٌ واحد؟ يستحيل
ولكن كل درجة لها أركان متى جئت بهذه الأركان ركبت هذه الدرجة ومن الممكن أن تأتى ببعض العبادات لا ترقى بك إلى ماذا؟ إلى الإيمان فإن وصلت إلى الإيمان لابد وأن تأتى بالأركان التى تؤهلك إلى هذه الدرجة فإن ركبت هذه الدرجة مما لا شك فيه تأتى بأشياء من الممكن ألا ترقى بك إلى الإحسان ولكن تجعلك فى رتبة من الإيمان أعلى من أخيك وهلم جرا فى الإحسان ،مازال الحديث متصلاً والأركان الستة ذكرتُ فى البداية كلاماً لابن القيم رحمه الله وهى أبيات من نونيته أريد أن أقف معها وقفات فى الحقيقة أرجو ألا تطول منى يقول رحمه الله
إيمَانُنَا بالله ثُمَّ برُسلِهِ ** وَبِكُتبِهِ وَقِيَامَةِ الأبدَانِ
وَبِجُندِهِ وَهُم الملاَئِكَةُ الأولَى ** هُم رُسلُهُ لمصَالِحِ الأكوَانِ
هَذِي أصُولُ الدِّين حَقًّا لاَ أصُـ ** ـولُ الخَمسِ للقَاضِي هوَ الهَمَدَان
فى الحقيقة الكلام هنا يحتاج إلى بسطٍ شديد أقتطفُ بعض المسائل ألا تلحظ أنى قلتُ فى مهد الكلام قال ابن القيم طبعاً هو شمس الدين محمد بن أبى بكر بن قيم الجوزية يجوز أن تقول ابن القيم ويجوز أن تقول انتبه ابن قيم الجوزية وصلت هذه المعلومة لو قلت ابن القيم فأل هنا هى التعريفية أنتهت المسألة فلو حذفت أل التعريفية قلت ابن قيم كلام لا يصح لابد وأن تضيف إلى شىء نتعرف عليه ألا وهى الجوزية على تفصيلٍ معروف فى كلامه ، إذا لا ينفع قال ابن قيم وتسكت لا تقول قال ابن القيم أو قال ابن قيم الجوزية كما بينتُ آنفاً.
الشىء الثانى / هنا النونية هذه قصيدة نظمها ابن القيم هذه القصيدة تضمنت عقائد الناس قاطبة حتى وجوده قطعاً واضحة فذكر عقائد الناس وبين الصواب من الخطأ فى هذه العقائد العجب أن عدد أبياتها خمسة آلاف وستمئة واثنان وثلاثين بيتاً تصور هذا الكم الهائل من الأبيات جمع فيها عقائد الناس حتى زمانه وأنا ناصحٌ أمين لك لابد وأن تقرأ جيداً كما بينت طرق القراءة الأربعة وكيف تقرأ ، ذكرتُ أربع مراتب كما سبق وحبذا أن تقرئها مع شرحها لمن؟ للعلامة رحمه الله خليل هراس لن تأخذ منك وقت هم مجلدان ينتهوا فى ثلاث أربع أيام تنتهى من قرائته ، ذكر ابن القيم أركان الإيمان أيضاً الستة هنا منها ما جاء منطوقاً الإيمان بالله بالرسل بالكتب باليوم الآخر بالملائكة والسادس مفهوم من قوله هم رسله لمصالح الأكوان ، طيب الأكوان ما الذى يصلحها ؟ فعل المأمور وترك المحظور وفعل المأمور وترك المحظور لا يمكن أن تفعل مأموراً أو أن تترك محظوراً إلا إذا وصلك خبر وقلت سمعنا فإن فعلت المأمور وتركت المحظور ممالا شك فيه ثبت وأطعنا إذاً ما بقى إلا غفرانك فالسماع والطاعة ردٌ صريح على هؤلاء الضلال أعنى الجبرية وأما من ترك بعض المأمور أو فعل بعض المحظور فمما لا شك فيه أبونا الأكبر وهو آدم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) [سورة الأعراف:23]
فهذه سُنتُنا عند الوقوعِ فى الذنب عياذاً بالله تعالى وهذا ردٌ صريح على القدرية فأصبح خلاصة ما قاله ابن قيم الجوزية رحمه الله أنه ذكر الستة ولكن أحد هذه الستة جاء بما دل عليه النص لا بما ورد به النص ، فى الحقيقة أنا لم أتى بهذه الأبيات قصداً لأبين الستة لأن الستة ظهرت فى آيات وفى أحاديث سابقة ،ولكن الطامة الكبرى ماذكره بعد ذلك
هَذِي أصُولُ الدِّين حَقًّا لاَ أصُـ ** ـولُ الخَمسِ للقَاضِي هوَ الهَمَدَان
عياذاً بالله تعالى موضوع كبير جداً القاضى الهمدانى هو عبد الجبار بن احمد بن عبد الجبار بن احمد بن خليل
المتوفى سنة 415 ه مات تقريبا لديه تسعون سنة ،ولكن عياذاً بالله تعالى شيخٌ ضال طبعاً أنا أدرى أنه يُكتب فيه قصائد شعر المفكر هو شيخ المعتزلة عياذاً بالله تعالى وهو الناشرُ لهذا المذهب وهو المصنفُ فى هذا المذهب وهو الذى أضل طائفة إلى يومنا هذا نعانى من آثارها السلبية ، العجب أنه شافعى المذهب وهذه بيناها عندما تكلمنا على الأشاعرة أهلُ الجهل والضلال وأهل البدع والضلال يقول لك أنا أشعرى أو معتزلى المذهب وعند الحلال والحرام يقول أنا شافعى المذهب أنا حنفى المذهب أنا حنبلى المذهب وأنا أريد أن أسأل هل كان الشافعى رحمه الله معتزلياً ؟ الجواب لا
هل كان أبو حنيفة رحمه الله معتزلياً ؟ الجواب لا
إذاً لما أرتضيت بعقله فى الحلال والحرام ولم ترضى بعقله فى عقيدة المسلمين أمرٌ عجيب نسأل الله السلامة والعافية وتجد متحذلق خرج بنا عن الجادة يقولُ أنا أشعرى العقيدة حنفى المذهب صوفى الطريقة، أنت عارف لو رتبتهم صح سوف تعرف قضية خطيرة جداً.
أنا أشعرى العقيدة طيب العقيدة هى نقد القلب
حنفى المذهب حلال وحرام على الجوارح
صوفى الطريقة اللسان
فهذا هو مجموع الإيمان عندهم قولٌ باللسان واعتقادٌ بالجنان وعمل بالجوارح لا علاقة بين الثلاثة عندهم ونحن التلازم بين هذه الثلاثة معلومٌ وبيناه فى أكثر من مئتى محاضرة فى التسعينيات على كلٍ ما هى الأصول الخمسة للهمدانى ؟ الهمدانى هو رأسٌ فى الاعتزال مثله عياذاً بالله تعالى كمثل الزمخشرى رأس رهيبة فى الإعتزال ، لذلك أنا لا أنصح أحداً أن يقرأ كتبهم وأخصُ بالذكر التفسير ، لذلك ابن تيمية رحمه الله انظر ماذا يقول عن الكشاف كتاب التفسير له ( يدسُ العسل فى السم ولا يُهتدى إليه إلا بشقِ الأنفس ) طبعا هو من أهل اللغة الكبار فلديه حلاوة فى الكلام وسجع واطناب وكذا وكذا وكذا ثم يُدخل المذهب المعتزلى فى كلامه إن كان ابن تيمية رحمه الله يقولُ لا يُهتدى إليه إلا بشقِ الأنفس فأخبرونى عنا نحنُ كيف نهتدى إليه ؟ أمر فى غاية الخطورة ، الأصول الخمسة للهمدانى المعتزلة يسمونها بأصول الإسلام ويقولون هى أصول الإيمان ويقولون هى أصول الإحسان وعياذاً بالله تعالى ضلال فى ضلال فى ضلال!!
ما هى ؟يقولون
العدل
التوحيد
إنفاذ الوعيد
المنزلةُ بين المنزلتين
وأخيراً الأمرُ بالمعروفِ والنهى عن المنكر
انظر إلى العنوانين جميلة إزاى ؟
العدل طيب من ينكره ؟
التوحيد طيب من ينكر التوحيد ؟
إنفاذ الوعيد – المنزلة بين المنزلتين – الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر
من الذى يُنكر هذه الأمور ؟
ولكن الذى أريدُ أن أنبه عليه هنا ، لا يغرنكَ العُنوان المهم مضمون هذا العنوان ، انظر سنتكلم عن الأصل الأول والذى يسمونه العدل .
هذا العدل سطروا تحته ماذا؟
نفى القدر بحجة أن الله تعالى لا يخلقُ الشر ولا يقضى به ثم يقولون إذ لو خلقه ثم يعذبهُم به يكونُ ذلك جورٌ من الله تعالى والله لا يوُصف بأنه يجورُ على عبادهِ.
أول أصل أصلوه يسمونه بالعدل وأى عدل فى كلامهم هذا !
تجد أن اللفظَ مقبول العدل ولكن ما تضمنُه هو الضلالُ المبين عياذاً بالله تعالى ، لذلك يجب أن تنتبه إلى تعريفهم للعدل وهذا فى كل أهل البدع والضلال لو قرأت لابن سينا يقول أنا أؤمن بالملائكة ، طيب عرف لى من هم الملائكة ؟ يقول لك الأفلاك الأثنى عشر يقولُ هى العقولُ الفعالة وهل هى هذه الملائكة ؟ فيأخذون ألفاظ أهل السنة بمداليل تخصُهم وتكونُ النتيجة عياذاً بالله تعالى إضلال العباد ، لذلك أنا أسأل هؤلاء الله تعالى يقولون لا يخلقُ الشر إذاً من خلقه ؟
سؤال وجواب وعلى هذا الوزان الله خلق الموت والحياة ستثبتوا الحياة طيب الموت من الذى خلقه؟
الله تعالى خلق الإيمان والكفر ستثبتوا الإيمان طيب من الذى خلق الكفر ؟
الله تعالى خلق الصدق والكذب خلق النكاح والزنى أخبرونا عن الطرف الثانى السالب هذا من الذى خلقه؟
سؤال ولابد وأن يُجيبوا عليه ولا جوابَ عليه .
قطعاً أنا لن أدخل فى تفصيلها ولكن أعطيك سر هذه المسألة ، أنهم من الجهل بمكان بقضية الأمر لأن الأمر فى كتاب الله تعالى لا أقصد من جهة الوجوب والندب وهذه الأشياء ، ولكن أقصد أمر الله تعالى نوعان :
أمرٌ دينىٌ شرعى
وأمرٌ كونىٌ قدرىّ
هم لم يستطيعوا أن يُفرقوا بين الأمرين إما لعدم إنتباههم وإما لغيرِ ذلك من الأمور فلو قال الله تعالى ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) [سورة النحل :90]
إذاًهذا أمر دينى شرعى مما لا شك فيه ، الله تعالى أمر الناسَ بأن يؤمنوا دينى شرعى
فآمن أبو بكر رضي الله عنه كونى قدرى ، إذاً اجتمع فى أبى بكر أمران الدينى الشرعى والكونى القدرى
أبو لهب جاءه الخبر أن الله أمره بالإيمان فأبى فكفر فتخلف الأمر الدينى الشرعى ووقع الأمر الكونى القدرى كن كافراً فكان كافراً، وهذه أمور لا تحتاج إلى كثيرٍ من الكلام ، لذلك تجد بعضُ الناس يخطئون فى تفسير بعضِ الآيات ويأتوا بالعجائب ومنها مثلاً قولهُ تعالى ( وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ) [سورة الإسراء:16]
فلما جائوا إلى ( أمرنا مترفيها ففسقوا ) أى أن الله أمر بالفسق قالوا لن نأخذ بهذا الكلام طيب ماذا ستفعل ؟ قال سأقدر محذوف هنا ( أى أمرنا مترفيها بالطاعة فخالفوها ففسقوا ) هذا الكلام مردود من تسعةِ أوجه بينتها فى على أصول الفهم فإن شئت فعُد إليها وإن وجدتُ فرصةٌ فسأبينُها إن شاء الله تعالى.
لاأظنُ أننا سنستطيع أن نواصل الكلام إن شاء الله نبدأُ فى المحاضرة القادمة من الأصل الثانى عندهم ألا وهو التوحيد نكتفى بهذا القدر وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وجزاكم الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.