مسند أبي هريرة رضي الله عنه 673

مسند احمد

مسند أبي هريرة رضي الله عنه 673

 حدثنا محمد بن بشر، حدثنا محمد بن عمرو، حدثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة، قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل مضطجع على بطنه، فقال: «إن هذه لضجعة ما يحبها الله عز وجل»

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُعلِّمًا ومُربِّيًا لِأُمَّتِه، وقد عَلَّمَنا كُلَّ الخَيرِ، حتى بَيَّنَ لنا هَيئاتِ النَّومِ المَسنونةِ والمَرفوضةِ؛ لِيَحفَظَ الإنسانُ صِحَّتَه في الدُّنيا، ويَحوزَ الأجرَ في الآخِرةِ بامتِثالِ أوامِرِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
وفي هذا يَقولُ طِخْفةُ بنُ قَيسٍ الغِفاريُّ رَضيَ اللهُ عنه: "أتاني آتٍ وأنا نائِمٌ على بَطني"، وكان ذلك مِن عادةِ أجلافِ العَرَبِ، وكانَ الرَّجُلُ نائِمًا في المَسجِدِ النَّبَويِّ، "فحَرَّكَني برِجلِه"، ضَرَبَني برِجلِه، "فقالَ: قُمْ"، والمُرادُ: تَنبيهُه إلى طَريقةِ نَومِه، "هذه ضِجْعةٌ" النَّومُ على البَطنِ، "يُبغِضُها اللهُ"، وفي رِوايةِ ابنِ ماجَهْ مِن حَديثِ أبي ذَرٍّ الغِفاريِّ رَضيَ اللهُ عنه: "إنَّما هي ضِجْعةُ أهلِ النارِ"، أيْ: هَيئةُ نَومِهم، ويُحتمَلُ أنْ يَكونَ المُرادُ أنَّ هذه عادةُ الكُفَّارِ، أوِ الفُجَّارِ في الدُّنيا، أو هذه تَكونُ ضِجعَتَهم حالَ كَونِهم في النارِ، وهذا مِنَ النَّهيِ عنِ النَّومِ بهذه الهَيئةِ، قالَ طِخْفةُ رَضيَ اللهُ عنه: "فرَفَعتُ رَأْسي؛ فإذا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قائِمٌ على رَأْسي"، واقِفٌ عِندَ رَأْسِه وهو نائِمٌ؛ إشارةً إلى أنَّ النَّاصِحَ له كانَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد بَيَّنتِ الرِّواياتُ أنَّ السُّنَّةَ أنْ يَنامَ المَرءُ على جَنبِه الأيمَنِ، وأنْ يَذكُرَ اللهَ
وقيلَ: إنَّ عِلَّةَ النَّهيِ عن هذه الهَيئةِ في النَّومِ أنَّ وَضعَ الصَّدرِ والوَجهِ اللَّذَيْن هُما مِن أشرَفِ الأعضاءِ على الأرضِ إذلالٌ لهما لِغَيرِ اللهِ تَعالى، أو لِأنَّه تَشَبُّهٌ باضطِجاعِ اللِّواطِ. وقيلَ: إنَّما هي ضِجْعةُ أهلِ النَّارِ. وقيلَ: هذا إذا كان بيْنَ النَّاسِ، فأمَّا إذا كان في بَيتِهِ أو في خَلوَتِهِ فلا حرَجَ عليه فيما يَنتَفِعُ به ويَستَريحُ إليه. وأيضًا لا بأسَ بها إنْ كان بالإنسانِ مَرَضٌ أو عِلَّةٌ تَستدعي منه النومَ على البَطنِ، كأنْ يكونَ به غازاتٌ يُعاني منها ولا تَخرُجُ إلَّا بالنومِ بهذه الهَيئةِ
وفي الحَديثِ: النَّهيُ عن الاضطِجاعِ على البَطنِ
وفيه: الحَثُّ على البُعدِ عمَّا يَكرَهُه اللهُ مِمَّا بَيَّنَه نَبيُّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ