مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1395
حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن المنكدر التيمي، عن أنس بن مالك الأنصاري، قال: " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر في مسجده بالمدينة أربع ركعات، ثم صلى بنا العصر بذي الحليفة ركعتين آمنا لا يخاف، في حجة الوداع "
الحجُّ هو الرُّكنُ الخامسُ مِن أركانِ الإسلامِ، وقد بيَّن رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَناسِكَ الحجِّ بأقوالِه وأفعالِه، ونَقَلَها لنا الصَّحابةُ الكِرامُ رَضيَ اللهُ عنهم كما تَعلَّموها منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي هذا الحديثِ يَروي أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صلَّى الظُّهْرَ وهو في المدينةِ أربعًا في اليومِ الذي سافَرَ فيه لِيَحُجَّ حَجَّةِ الوداعِ، وكان ذلِك في السَّنةِ العاشرةِ مِن الهجرةِ، فأَتمَّ الصَّلاةَ ولم يَقصُرْها؛ لأنَّه مُقيمٌ، ثُمَّ خرَجَ فصلَّى العصرَ رَكعتينِ عندما وَصَلَ ذا الحُلَيْفةِ، فقصَرَها، وذو الحُلَيفةِ: مِيقاتُ أهلِ المدينةِ، وهي المعروفةُ الآنَ بآبارِ عَلِيٍّ، وهو مَوضِعٌ مَعروفٌ في أوَّلِ طَريقِ المَدينةِ إلى مكَّةَ، بيْنه وبيْن المدينةِ نحْوُ سِتَّةِ أميالٍ (13 كم) تَقريبًا، وبيْنه وبيْن مكَّةَ نحْوُ مِئتي مِيلٍ تَقريبًا (408 كم)، وهو أبعَدُ المواقيتِ مِن مكَّةَ.
ثُمَّ باتَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بذي الحُلَيفةِ حتى صلَّى الصُّبْحَ بها، ثم رَكِبَ راحلتَه -وهي ناقتُه- فلمَّا قامتْ ووَقَفَتْ به على البيْداءِ، أهَلَّ بِعُمرةٍ وحجَّةٍ، فقال: «لبَّيكَ عُمرةً وحَجًّا»، كما في رِوايةِ صَحيحِ مُسلمٍ، والمقصودُ بالبَيداءِ هنا اسمُ مَوضعٍ مَخصوصٍ بيْن مَكَّةَ والمدينةِ، وهو مَكانٌ فوقَ عَلَمَي ذي الحُلَيفةِ إذا صُعِدَ مِن الوادي، على بُعْدِ مِيلٍ مِن ذي الحُلَيفةِ.
وفي الصَّحيحَينِ وغيرِهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أهَلَّ بعدَما صلَّى في المسجِدِ؛ وهذا محمولٌ علَى أنَّ الإهلالَ حصَلَ أكثرَ مِن مرَّةٍ.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ قصْرِ الصَّلاةِ في السَّفرِ.
وفيه: مَشروعيَّةُ الحَجِّ قارِنًار.