مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه1763
مسند احمد
حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، قال: سمعت عمرو بن عامر الأنصاري، عن أنس بن مالك، قال: " كان المؤذن إذا أذن، قام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتدرون السواري، حتى يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم كذلك - يعني الركعتين قبل المغرب - ولم يكن بين الأذان، والإقامة إلا قريب "
كان الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم حَريصينَ على كلِّ ما يُقرِّبُهم إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، ومن ذلك: أداءُ النَّوافلِ والسُّنَنِ الَّتي قَبلَ الصَّلاةِ وبَعدَها.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ أنسُ بنُ مالكٍ: كان المُؤذِّنُ إذا أذَّن للمَغربِ قام ناسٌ مِن أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتسارَعون ويَتسابَقون إلى «السَّواري»، وهي الأعمدةُ الَّتي يُرفَعُ عليها سَقفُ المسجدِ، والغرَضُ مِن هذه المُسارعةِ والمُسابقةِ إلى السَّواري الاستتارُ بها مِن الَّذين يمُرُّون بيْن أيْدِيهم؛ لكَونِهم يُصلُّون فُرادى قبْلَ صَلاةِ المغربِ. حتَّى يَخرُجَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن حُجرتِه لصَلاةِ المغربِ وهمْ كذلك على حالِهِم هذا مُبادِرين مُسارِعين يُصلُّون الرَّكعتينِ قبْلَ صَلاةِ المغربِ.
وفي رِوايةِ مُسلمٍ عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه زاد: «فيَجِيءُ الغريبُ، فيَحسِبُ أنَّ الصَّلاةَ قد صُلِّيَت مِن كَثرةِ مَن يُصلِّيهما»، وفي هذا إشارةٌ لكَثرةِ المُصلِّين لِهاتينِ الرَّكعتينِ.
قال أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه: «ولَمْ يَكُنْ بيْنَ الأذانِ والإِقامَةِ شيءٌ»، أي: لم يكُنْ بيْنَهما كثيرٌ مِن الزَّمنِ؛ فكانوا يُصلُّون الرَّكعتينِ في وَقتٍ ليس بالكبيرِ، وهو ما بيَّنَه وأكَّدَه شُعبةُ بنُ الحَجَّاجِ الواسطيُّ أحدُ رُواةِ هذا الحديثِ، حيث قال: لم يكُنْ بيْنهما إلَّا قليلٌ، يعني: مِن الوقتِ.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ صَلاةِ رَكعتينِ نافلةً قبْلَ المغربِ.
وفيه: اتِّخاذُ سُترةٍ لِمَن يُصلِّي مُنفرِدًا.