مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه602
مسند احمد
حدثنا حسين، وعفان، قالا: حدثنا خلف بن خليفة، حدثني حفص بن عمر، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة، وينهى عن التبتل نهيا شديدا، ويقول: " تزوجوا الودود الولود، إني مكاثر الأنبياء يوم القيامة " (1)
الزَّواجُ سُنَّةُ الأنْبياءِ، وقد حثَّنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عليه؛ لأنَّ به تَكثيرًا لسَوادِ المُسلِمينَ في الدُّنْيا والآخِرةِ.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي أنَسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَأمُرُ أصْحابَه -وخاصَّةً مَن لمْ يتزَوَّجْ- بأنْ يَتزوَّجوا، وكان يَنهى عنِ التَّبتُّلِ نَهيًا شَديدًا، والتَّبتُّلُ هو عَدمُ الزَّواجِ بحُجَّةِ الانقِطاعِ للعِبادةِ، وقد قال اللهُ تعالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرعد: 38]، أي: إنَّهم كانوا يَأْتونَ الزَّوجاتِ، ويُولَدُ لهم، مع ما حَمَلوا مِن الرِّسالةِ وكُلِّفوا بالدَّعوةِ، فيكونُ التَّبتُّلُ مُخالِفًا لهَدْيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والأنْبياءِ السَّابِقينَ، مع أنَّ الإسْلامَ دِينُ تَعميرٍ للحياةِ ولا رَهبانيَّةَ فيه.
ولذلك كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يحُثُّ الرِّجالَ على الزَّواجِ منَ المَرأةِ الوَدودِ الَّتي تُحِبُّ زَوْجَها مَحبَّةً شَديدةً،و«الوَلودُ» الَّتي تكونُ كَثيرةَ الوِلادةِ، ويُعرَفُ ذلك بالنَّظرِ إلى نِسائِها القَريبةِ منها، كأُمِّها، وأُخْتِها؛ وذلك لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سيُفاخِرُ بكَثرةِ أعْدادِ أُمَّتِه الأُممَ السَّابِقةَ على أنْبيائِها يومَ القيامةِ.
وفي الحَديثِ: التَّرغيبُ في التَّزويجِ بالأبْكارِ؛ لأنَّ الغالِبَ في البِكرِ أنْ تكونَ وَدودًا، بخِلافِ الثَّيِّبِ.