‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه661

مسند احمد

‌‌مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه661

حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن قتادة - في قوله عز وجل: {وظل ممدود} [الواقعة: 30]- عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها " قال معمر، وأخبرني محمد بن زياد، أنه سمع أبا هريرة يقوله عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول أبو هريرة: " واقرءوا إن شئتم " {وظل ممدود} (1) [الواقعة: 30]

من المُبشِّراتِ ما كان يذكُرُه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأُمَّتِه من نَعيمِ الجنَّةِ وما أعَدَّه اللهُ للصَّالحينَ، وهذا من تَثبيتِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأُمَّتِه لمَن خاف اللهَ واتَّقاهُ وعمِلَ الصَّالحاتِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "في الجنَّةِ شَجرةٌ"، قيل: هي طُوبى، أو سِدْرةُ المُنْتهى، أو شَجرةُ الخُلْدِ، "يَسيرُ الرَّاكبُ في ظِلِّها"، أي: يَمْشي الرَّاكبُ برَكوبَتِه في ذُراها ونَعيمها وناحيتِها، وفي روايةِ الصَّحيحينِ من حديثِ أبي سعيدٍ الخُدريِّ: "يَسيرُ الرَّاكبُ الجَوادَ المُضَمَّرَ السَّريعَ مائةَ عامٍ، لا يقطَعُها"، أي: لا يصِلُ إلى نِهايتِها مع سَيرِه هذه المدَّةِ؛ مُبالغةً في امتدادِ ظِلِّها، "وقال: ذلك الظِّلُّ المَمدودُ"، أي: فذكَرَ تَصديقَ المذكورِ في القُرآنِ في قولِه تعالى: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: 30]؛ فالجنَّةُ كلُّها ظِلٌّ لا شمْسَ معه، وليس هو ظِلَّ الشَّمسِ، بلْ ظِلٌّ يخلُقُه اللهُ تعالى، وإلَّا فالظِّلُّ في عُرْفِ أهْلِ الدُّنيا: ما يَقِي من حَرِّ الشَّمسِ وأذاها، وقد قال تَعالى: {لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا} [الإنسان: 13]، وقد يُقال: المُرادُ بالظِّلِّ هنا ما يُقابِلُ شُعاعَ الشَّمسِ، ومنه ما بين ظُهورِ الصُّبحِ إلى طُلوعِ الشَّمسِ؛ ولذا قال تَعالى: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: 30].
وفي الحديثِ: بَيانُ سَعةِ الجنَّةِ غيرِ المُحدودةِ.