مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 209
مسند احمد
حدثنا حسن بن موسى، حدثنا زهير، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فمطرنا، قال: «ليصل من شاء منكم في رحله»
شَريعةُ الإسْلامِ سَمْحةٌ مُيسَّرةٌ، ومِن مَظاهرِ ذلك: أنَّه معَ أهمِّيَّةِ صَلاةِ الجماعةِ في المسجِدِ، فإنَّها راعَتْ ظُروفَ النَّاسِ في بَعضِ الأوْقاتِ الحَرِجةِ الَّتي يكونُ الذَّهابُ فيها إلى الجَماعةِ صَعبًا؛ مِثلُ وُجودِ ريحٍ أو مطَرٍ أو خَوفٍ، أو غيرِ ذلك
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ الصَّحابةَ رَضيَ اللهُ عنهم كانوا في سَفرٍ معَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فنَزلَ عليهمُ المطرُ، والمطرُ يكونُ سببًا في إفْسادِ الأرضِ بالطِّينِ وغيْرِه، فكانَ مِنَ المشقَّةِ عليهمُ الاجتماعُ للصَّلاةِ، فقالَ لهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لِيُصَلِّ مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فِي رَحْلِهِ»، وهذا على سَبيلِ الاخْتيارِ لا الإلْزامِ؛ فمَن شاءَ صلَّى في رَحْلِهِ، ومَن شاءَ خرَجَ إلى الجَماعةِ، والرَّحْلُ: مَرْكَبُ الرَّجلِ على البَعيرِ، والمرادُ به: مَسكَنُهُ الَّذي يَبيتُ فيه أيَّامَ سَفرِه، وهذا مِن تَيسيرِ الشَّريعةِ على المسلِمينَ، وتلك الرُّخصةُ لا تختَصُّ بالسَّفرِ، بل تشمَلُ الحَضَرَ أيضًا؛ فعن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، «أنَّه قال لمؤذِّنِه في يومٍ مَطيرٍ: إذا قلتَ: أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، أشهَدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ، فلا تقُلْ: حيَّ على الصَّلاةِ، قُل: صَلُّوا في بُيوتِكم، قال: فكأنَّ النَّاسَ اسْتَنكَروا ذاك، فقال: أتَعجَبونَ من ذا؟! قد فعَلَ ذا مَن هو خيرٌ منِّي، إنَّ الجمُعةَ عَزْمةٌ، وإنِّي كرِهْتُ أنْ أُحرِجَكم فتَمْشوا في الطِّينِ والدَّحْضِ» متَّفقٌ عليه
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ الصَّلاةِ في البُيوتِ وتَرْكِ الجَماعةِ عندَ الاضْطِرارِ؛ بسَببِ مَطرٍ، أو خَوفٍ، أو بَرْدٍ، أو غيرِ ذلك