مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 229
مسند احمد
حدثنا أبو معاوية، ويعلى، ووكيع، قالوا: حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الصلاة أفضل؟ قال: «طول القنوت»
الصَّلاةُ عِمادُ الدِّينِ، وهي ركنُ الإسْلامِ الرَّكينُ الَّذي لا بدَّ لكلِّ مُسلمٍ من أدائِه دونَ عُذرٍ، وقد جُعِلتْ قُرَّةُ عَينِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الصَّلاةِ؛ ولذلك كان يُكثِرُ مِن نَوافلِ الصَّلاةِ وقِيامِ اللَّيلِ، حتَّى إنَّه كان يَقومُ اللَّيلَ حتَّى تَتورَّمَ قدَماهُ؛ ممَّا يُطوِّلُ فيه مِنَ الوقوفِ بيْنَ يَدَيِ اللهِ تعالَى قارئًا داعيًا خاشعًا مُتضرِّعًا
وفي هذا الحَديثِ يُخبرُنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ أفضلَ أمرٍ مِن أمورِ الصَّلاةِ عُمومًا هو طُولُ القُنوتِ، والمرادُ بطُولِ القُنوتِ: طولُ القيامِ في الصَّلاةِ للقراءةِ، وقد جاء مُصرَّحًا به فيما أخرَجَه أبو داودَ، عن عبدِ اللهِ بن حَبَشيٍّ الخَثْعَميِّ رَضيَ اللهُ عنه، «أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُئلَ: أيُّ الأعْمالِ أفضَلُ؟ قال: طولُ القيامِ»، وقدْ يُرادُ بالقُنوتِ الدُّعاءُ والخُشوعُ والتَّذلُّلُ للهِ تعالى، وقد كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفعَلُ ذلك، خاصَّةً في التَّطوُّعِ وقِيامِ اللَّيلِ؛ فكان يَقِفُ معَ كلِّ آيةٍ، ولا يَمُرُّ بآيةٍ فيها دُعاءٌ إلَّا دعَا به، وإنْ كان فيها عَذابٌ استعاذَ باللهِ عزَّ وجلَّ منه... وهكذا
وصَلاةُ الفَريضةِ -حتَّى وإنْ لم يَكُنْ فيها تَطويلُ القيامِ والقراءةِ والدُّعاءِ- أفضلُ مِن صَلاةِ النَّفلِ الَّتي فيها هذا التَّطويلُ؛ لأنَّ الفَريضةَ هي الَّتي أوجبَها اللهُ تعالَى وحدَّدَها بوَقتٍ وعَددِ رَكَعاتٍ مُعيَّنٍ، ويُعاقَبُ على ترْكِها، ولأنَّ الفريضةَ أيضًا قدْ أُمِرَ أنْ تُؤدَّى في جَماعةٍ، وأُمِرَ بالتَّخْفيفِ فيها؛ مُراعاةً للمَريضِ وذي الحاجةِ ونحوِهما؛ أمَّا في النَّافلةِ والتَّطوُّعِ، فيُطوِّلُ كلُّ امْرئٍ فيها حسَبَ طاقتِه؛ فحصَلَ بذلك لكلِّ صلاةٍ مِيزتُها وفَضلُها
وفي الحَديثِ: فَضلُ طُولِ القُنوتِ والقيامِ للقراءةِ في الصَّلاةِ، معَ الخُشوعِ والدُّعاءِ