مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 609
مستند احمد
حدثنا هاشم، حدثنا شعبة، أخبرني عمرو بن مرة، وحصين بن عبد الرحمن، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله، قال: أصابنا عطش بالحديبية فجهشنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين يديه تور فيه ماء، فقال: بأصابعه هكذا فيها، وقال: «خذوا بسم الله» ، قال: فجعل الماء يتخلل من بين أصابعه كأنها عيون، فوسعنا، وكفانا " وقال حصين في حديثه: فشربنا وتوضأنا
أيَّدَ اللهُ سُبحانَه نَبيَّه مُحمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالمُعجِزاتِ الماديَّةِ والمَعنويَّةِ؛ ليُثَبِّتَ قُلوبَ الذين آمَنوا بما يقَعُ أمامَ أعيُنِهم
ومنها ما في هذا الحَديثِ، وفيه يقولُ أنَسُ بنُ مالِكٍ رضِيَ اللهُ عنه: "حضَرَتِ الصلاةُ"، ودخَلَ وَقتُها بالأذانِ، "فقامَ مَن كان قَريبَ الدَّارِ إلى أهلِه"، أي: فذهَبَ مَن كانتْ دِيارُهم قَريبةً مِن المَسجِدِ ليَتوضَّأَ في دارِهِ "فتَوضَّأَ، وبَقيَ قومٌ" لم يَذهَبوا للوُضوءِ، "فأُتيَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بمِخضَبٍ من حِجارةٍ"، وهو إناءٌ صَغيرٌ مَصنوعٌ من الحِجارةِ، "فيه ماءٌ، فصَغُرَ المِخضَبُ عن أنْ يَملأَ فيه كفَّه"، لم يَتَّسِعِ الإناءُ لصِغَرِه أنْ يُدخِلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كفَّه فيه ليَأخُذَ منه الماءَ، "فضَمَّ أصابِعَه فوَضَعَها في المِخضَبِ"، فأخَذَ الماءَ بأصابِعِه بأقلِّ قَدرٍ، "فتَوضَّأَ القَومُ كلُّهم جَميعًا" مِن هذا الإناءِ الصغيرِ، "فقُلْنا" لأنَسٍ، والقائلُ هنا هو حُمَيدُ بنُ أبي حُمَيدٍ الطَّويلُ، الراوي عن أنَسٍ: "كم كانوا؟ قال: ثَمانينَ رجُلًا"، فكَفاهم الماءُ القَليلُ في هذا الإناءِ الصَّغيرِ بقُدرةِ اللهِ سُبحانَه الذي وضَعَ فيه البَرَكةَ؛ لمَكانةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وإظهارًا لمُعجِزةٍ يَراها الناسُ المؤمِنونَ؛ لِيَزدادوا إيمانًا ويَقينًا
وفي الحَديثِ: دَليلٌ على استِخدامِ الأواني مِن جواهِرِ الأرضِ ونَباتِها، وأنَّها طاهرةٌ ولا رَيبَ في استِعمالِها
وفيه: أنَّ اللهَ سُبحانَه يُجري المُعجِزاتِ على أيدي الأنبياءِ؛ لِيُثبِّتَ الإيمانَ في القُلوبِ