‌‌مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما228

مسند احمد

‌‌مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما228

حدثنا أبو كامل، ويونس، قالا: حدثنا نافع بن عمر (3) ، عن بشر بن عاصم الثقفي، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو - قال نافع: ولا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم، [قال عبد الله بن أحمد] : قال أبي ولم يشك يونس - قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " إن الله عز وجل (4) يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه، كما تتخلل الباقرة بلسانها " (1)

مَنْ كَثُرَ كلامُه كَثُر خَطَؤُه، ومَن اعْتادَ ذَلِكَ فإنَّه يَصْعُبُ عليه الرُّجوعُ إلى الصَّوابِ وإلى إمساكِ لسانِه، حتَّى إنَّه لَيتلذَّذُ بالكلامِ، ويَتشدَّقُ بلِسانِه مُسْتَسيغًا ومُتلذِّذًا بفَصاحتِه وطلاقَةِ لسانِه. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ الله عزَّ وجلَّ يُبْغِضُ البَليغَ مِنَ الرِّجالِ"، أي: الفَصيحَ الَّذي يُعبِّرُ عمَّا في نَفْسِه بأَحْسَنِ عِبارةٍ، والمقصودُ هنا مَنْ يَتكلَّفُ ويُكْثِرُ الكلامَ ويَتفاصَحُ بِه ويَتشدَّقُ على النَّاسِ، "الذي يتَخلَّلُ بلِسانِه تَخَلُّلَ الباقِرةِ بلِسانِها"، أي: مِنْ كَثْرةِ كلامِه وتَشدُّقِه يُقلِّبُ لسانَه في فَمِه وبينَ أسنانِه تَلذُّذًا بالكلامِ، كما تَفْعَلُ ذلك البقَرةُ تَلذُّذًا بالطَّعامِ، وهذا التَّشبيهُ للتَّنفيرِ مِن كَثْرةِ الكلامِ دونَ داعٍ.

وفي الحديثِ: الزَّجرُ عن كَثرةِ الكلامِ دونَ تَحرُّزٍ أو احْتياطٍ، وعن التَّكلُّفِ المذمومِ والتشدُّقِ والتفاصُ.