‌‌مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه 59

‌‌مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه 59

حدثنا محمد بن بكر، أخبرنا ابن جريج، أخبرني سليمان بن عتيق، عن عبد الله بن بابيه، عن بعض بني يعلى بن أمية، قال:
قال يعلى: طفت مع عثمان، فاستلمنا الركن، قال يعلى: فكنت مما يلي البيت، فلما بلغنا الركن الغربي الذي يلي الأسود، جررت بيده ليستلم، فقال: ما شأنك؟ فقلت: ألا تستلم؟ قال: فقال: ألم تطف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: بلى. قال: أرأيته يستلم هذين الركنين الغربيين؟ قلت: لا. قال: أفليس لك فيه أسوة حسنة؟ قلت: بلى. قال: فانفذ عنك (2)

الأصْلُ في العِباداتِ التَّوقُّفُ فيها بما ثبَتَ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.


وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ يَعْلى بنُ أُمَيَّةَ رضِيَ اللهُ عنه:

"كُنتُ مع عُمَرَ" في الطَّوافِ بالكَعْبةِ،"فاستَلَمَ الرُّكنَ

وفي روايةِ الأزْرقيِّ في أخْبارِ مكَّةَ: "فاسْتَلَمْنا الرُّكنَ الأسوَدَ"، والاستِلامُ هُنا هو اللَّمْسُ،

أو الإشارةُ إليه في حالِ الزِّحامِ عِندَ كُلِّ شَوطٍ من أشْواطِ الطَّوافِ.

"قال يَعْلى: وكُنتُ ممَّا يَلي البَيتَ" يعني أنَّه هو الأقرَبُ للكَعْبةِ من عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما،

"فلمَّا بَلَغتُ الرُّكنَ الغَربيَّ الَّذي يَلي الأسوَدَ"، وهو أحَدُ الرُّكنَيينِ الشَّامِيَّينِ،

"وحَدَرتُ بيْنَ يَدَيهِ لأستَلِمَ"، ذهَبَ أمامَ عُمَرَ لِيَستَلِمَ هذا الرُّكنَ،

فقالَ عُمَرُ رضِيَ اللهُ عنه: "ما شَأنُكَ؟" يَسأَلُهُ مُتعجِّبًا ومُستَنكِرًا عن سَبَبِ استِلامِهِ للرُّكنِ،

قال يَعْلى: "ألَا تَستَلِمُ هَذَينِ؟" يَقصِدُ الرُّكنَينِ الشَّامِيَّينِ، ويَدْعو عُمَرَ لاستِلامِهِما،

فقالَ عُمَرُ: "أَلَمْ تَطُفْ مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟" يُذكِّرُهُ عُمَرُ بسُنَّةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الطَّوافِ، وهو بذلِكَ يُنكِرُ عليه استِلامَ هَذَينِ الرُّكنَينِ،

"فقُلتُ: بَلى، قال: أرأيتَهُ يَستَلِمُ هَذَينِ الرُّكنَينِ -يَعْني الغَربيَّينِ- قُلتُ: لا،

قال: أفَلَيسَ لك فيه أُسوةٌ حَسَنةٌ؟" قُدْوةٌ فتَقتَدي بفِعلِهِ وسُنَّتِهِ

"قُلتُ: بَلى، قال: فانْفُذْ عنك"بمَعْنى: دَعْهُ وتَجاوَزْهُ، واكْتَفِ بما رأيتَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفعَلُهُ.


وفي الحَديثِ: أنَّ في السُّنَّةِ النَّبويَّةِ كِفايةً لِمَن أرادَ الهِدايةَ، فلا يَزيدُ عليها لا يَنقُصُ.