مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه 215
حدثنا غسان بن الربيع، حدثنا أبو إسرائيل، عن السدي، عن عبد خير، قال: خرج علينا علي بن أبي طالب ونحن في المسجد، فقال: أين السائل عن الوتر؟ فمن كان منا في ركعة شفع إليها أخرى حتى اجتمعنا إليه، فقال: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر في أول الليل، ثم أوتر في وسطه، ثم أثبت الوتر في هذه الساعة " قال: " وذلك عند طلوع الفجر " (2)
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَجتهِدُ في صَلاةِ اللَّيلِ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحرِّضُ على صَلاةِ الوِترِ، ويُرغِّبُ في أنْ تَكونَ آخِرُ صَلاةِ المصلِّي وِترًا.
وفي هذا الحديثِ تُوضِّحُ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها هَدْيَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في صَلاةِ الوِتْرِ، وكانت أُمُّ المُؤمِنينَ عائشةُ أدرَى الناسِ بصَلاةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في اللَّيلِ؛ فهي زَوجتُه، وترَى ما لا يَراهُ الناسُ مِن صَلاتِه في اللَّيلِ، وتَعلَمُ أوقاتَها، وعدَدَ ركَعاتِها، وهَيْئتَها، وغيرَ ذلك، فأخْبَرَت أنَّه قد اختَلَفَ وَقتُ صَلاةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِلوِترِ؛ فمَرَّةً في أوَّلِ اللَّيلِ، ومرَّةً في وسَطِه، ومرَّةً في آخِرِه، وهذا مِن التَّيسيرِ والتَّوسيعِ على الأُمَّةِ؛ فصَلاةُ الوِترِ يُمكِن أنْ تُؤدَّى في أيِّ وقتٍ كان مِن اللَّيلِ، ولكنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ «انْتَهَى وِتْرُه إلى السَّحَرِ»، فكان آخِرُ أمْرِه وما استقرَّ عليه: هو أنْ يُصلِّيَ الوِترَ عندَ وَقتِ السَّحَرِ، وهو قبْلَ طُلوعِ الفَجرِ. وأقلُّ صَلاةِ الوتْرِ رَكعةٌ أو ثَلاثُ ركَعاتٍ.
وفي الحَديثِ: بَيانُ أنَّ صلاةَ الوِتْرِ مُمتدَّةُ الوقتِ إلى ما قبْلَ الفَجرِ.