مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه 19
حدثنا بهز، حدثنا أبان، عن قتادة، عن أبى العالية
عن ابن عباس، قال: شهد عندي رجال مرضيون فيهم عمر، وأرضاهم عندي عمر: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس " (1)
في هذا الحديثِ يَحكي عبدُ اللهِ بنُ عمْرٍو رضِيَ اللهُ عنهما:
"أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ استنَدَ إلى بَيتٍ"، أي: أسْنَدَ ظَهرَه إلى حائطِ بَيتٍ،
"فوعَظَ النَّاسَ وذكَّرَهم، وقال: لا يُصلِّي أحدٌ بعدَ العصرِ"، أي: بعدَ فَرضِ العصرِ، "حتَّى اللَّيلِ"، وفي رِوايةِ أحمَدَ مِن حديثِ أبي ذَرٍّ رضِيَ اللهُ عنه: "حتَّى تَغرُبَ الشَّمسُ".
قال: "ولا بعدَ الصُّبحِ"، أي: بعدَ فَرضِ الصُّبحِ، "حتَّى تَطلُعَ الشَّمسُ"، وهذا نهْيٌ عَنِ الصَّلاةِ وقْتَ الإشراقِ والغروبِ؛ لأنَّه الوقتُ الَّذي كان يُصلِّي فيه مَن يَعبُدون الشَّمسَ،
والمُرادُ بالبَعديَّةِ ليس على عُمومِه، وإنَّما المُرادُ وقْتُ الطُّلوعِ ووقْتُ الغُروبِ وما قارَبَهُما.
وقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ولا تُسافِرِ المرأةُ إلَّا مع ذي مَحرَمٍ مسيرةَ ثلاثٍ"، والمَحْرَمُ للنِّساءِ: ما حُرِّمَتْ عليه تَحريمًا مُؤبَّدًا؛ كالابنِ والأبِ، وابنِ الأخِ وابنِ الأختِ، والعمِّ والخالِ، ونحوِ ذلك، وقد ورَدَ في أحاديثَ أُخرى: مَسيرةَ يومٍ، وفي غيرِها: مَسيرةَ ثلاثةِ أيَّامٍ،
ولا تناقُضَ أو خِلافَ؛ لأنَّ الكلامَ اختلَفَ باختلافِ السَّائلينَ والأشخاصِ، وليس في هذا كلِّه تَحديدٌ لِأقلِّ ما يقَعُ عليه اسمُ السَّفرِ، ولم يُرِدْ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَحديدَ أقلِّ ما يُسمَّى سفَرًا؛ فالحاصِلُ: أنَّ كلَّ ما يُسمَّى سفَرًا تُنهى عنه المرأةُ بغيرِ زَوجٍ أو مَحرَمٍ، سواءٌ كان ثلاثةَ أيَّامٍ أو يومينِ أو يومًا.
وقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ولا تَتقدَّمَنَّ امرأةٌ على عمَّتِها ولا على خالَتِها"،
وهذا نَهْيٌ عن الجَمْعِ بيْن المرأةِ وعَمَّتِها، والمرأةِ وخالتِها في النِّكاحِ، والرَّضاعةُ تُحرِّمُ ما يُحرِّمُه النَّسَبُ؛ فكما أنَّ المرأةَ لا يُجمَعُ بيْنها وبيْن خالتِها أو عمَّتِها مِنَ النَّسبِ،
فكذلك لا يُجمَعُ بيْنها وبيْن خالتِها أو عمَّتِها مِنَ الرَّضاعةِ.