مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه 41
حدثنا حسن بن موسى، حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا يزيد بن أبي حبيب، عن معمر:
أنه سأل سعيد بن المسيب عن الصيام في السفر، فحدثه عن عمر بن الخطاب أنه قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوتين في شهر رمضان: يوم بدر، ويوم الفتح، فأفطرنا فيهما (2)
في هذا الحَديثِ يُخبِرُ عُمرُ بنُ الخَطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه أنَّهم خرَجوا للغَزْوِ معَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مرَّتينِ في شهْرِ رَمضانَ؛ الأُولى: في غَزْوةِ بَدْرٍ؛ وهي المَلْحَمةُ الكُبرَى والأُولى في تاريخِ المُسلِمينَ، وقدْ وقَعَت في العامِ الثَّاني مِنَ الهِجْرةِ، وبِها فرَّقَ اللهُ بيْنَ الحقِّ والباطلِ، وكان قِوامُ جَيشِ الكُفَّارِ يَزِيدُ على الألْفِ، وقُتِلَ في بَدْرٍ سَبعونَ مِن كُفَّارِ قُرَيْشٍ، وأُسِرَ منهم سَبعونَ. والثَّانيةُ: في فتْحِ مكَّةَ، وكانتْ في السَّنةِ الثَّامنةِ مِنَ الهِجْرةِ،
وفيه أتَمَّ اللهُ على نبِيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فتْحَ مكَّةَ.
قال عُمرُ رضِيَ اللهُ عنه: «فأفطَرْنا فيهما»؛ أي: أنَّ الصَّحابةَ رضِيَ اللهُ عنهم أفْطَروا في هذينِ اليَومينِ؛ أخْذًا بالرُّخْصةِ الَّتي شرَعَها اللهُ عزَّ وجَلَّ، وهي رُخْصةُ الفِطْرِ للمُسافرِ، كما في قَولِ اللهِ تَعالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185]، أو لِيَكونوا أقدَرَ على مُواجَهةِ عدُوِّهِم، وأكثَرَ قُوَّةً عندَ القِتالِ، كما في صَحيحِ مُسلِمٍ مِن حَديثِ أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ رضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال لأصْحابِهِ رضِيَ اللهُ عنهم: «إنَّكم قدْ دَنَوتُم مِن عدُوِّكُم، والفِطرُ أقْوَى لكُمْ».
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ الإفطارِ للمُحاربِ عندَ لِقاءِ العدُوِّ.