موضع الرمل 1
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن المثنى، عن سفيان، عن جعفر، عن أبيه، عن جابر، قال: «لما تصوبت قدما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بطن الوادي، رمل حتى خرج منه»
الصَّفَا والمَرْوةُ مِن شَعائرِ اللهِ تعالى، والسَّعيُ بينَهما مِن أركانِ الحَجِّ والعُمرةِ، وقد علمنا النبي صلَّى الله عليه وسلَّم صفة السعي وما يقال عنده
كما في هذا الحديثِ، حيثُ يُخبِرُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضِي اللهُ عَنهما: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ذَهَبَ إلى الصَّفَا فرَقِيَ عليها"، أي: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لَمَّا طافَ بالبيتِ سَبْعًا وصلَّى رَكعتينِ عندَ مَقامِ إبراهيمَ- كما ورَد في روايةٍ أُخرى- جاء إلى جَبَلِ الصَّفَا، فصَعِدَ عليه، وسُمِّيَ الصَّفَا؛ لأنَّ حِجارتَه مِن الصَّفَا، وهو الحجَرُ الأملَسُ الصُّلْبُ، ويقَعُ في أصلِ جبَلِ أبي قُبَيْسٍ، "حتَّى بَدَا له البيتُ"، أي: حتَّى ظهَرَ له البيتُ الحرامُ، ثمَّ وحَّدَ اللهَ عزَّ وجلَّ، وكبَّرَه، وقال: "لا إلَهَ إلَّا اللهُ"، أي: لا معبودَ بحقٍّ إلَّا اللهُ، "وحْدَه لا شَريكَ له"، أي: المُنفرِدُ بالرُّبوبيَّةِ والأُلوهيَّةِ، الَّذي لا يُوجَدُ له شَريكٌ في أفعالِه أو صِفاتِه، "له المُلْكُ وله الحَمْدُ"، أي: كلُّ شَيءٍ مِلْكُه، وله التصرُّفُ في مُلكِه كيفَ يَشاءُ، وله العَظَمةُ، وله الثَّناءُ الجميلُ والشُّكرُ العميمُ على نَعمائِه وفَضلِه، "يُحْيي ويُمِيتُ"، أي: إنَّ الحياةَ والموتَ بَيدِه؛ فمَن شاءَ أحياه ومَن شاءَ أماتَه، "وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ"، لا يُعجِزُه شيءٌ؛ فله سُبحانَه وتعالى القُدرةُ الكاملةُ
قال: "ثمَّ مشَى" النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مَشْيًا عاديًّا، "حتَّى إذا انصَبَّتْ قدَماه"، أي: انحدرَتْ قدَماه واتَّجهَتْ إلى أسفَلَ، "سعَى"، أي: أسرَعَ في المَشْيِ، "حتَّى إذا صعِدَتْ قدَماه"، أي: ارتفَعَتْ قدَماه واتَّجَهَتْ إلى أعلى، "مشَى"، أي: أبطَأَ سَعْيُه إلى المَشْيِ، وقد وُضِّحَ وعُلِّمَ الآنَ مكانُ سَعْيِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بمصابيحَ خَضراءَ مُعلَّقةٍ في سَقْفِه على طولِ المسافةِ الَّتي كان يسعَى فيها النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "حتَّى أتَى المَرْوةَ"، أي: حتَّى جاءَ جبَلَ المَرْوةِ، وهو مكانٌ مُرتفِعٌ في أصلِ جبَلِ قُعَيْقِعَانَ في الشَّمالِ الشَّرقيِّ للمسجدِ الحرامِ، "ففعَل عليها كما فعَل على الصَّفَا"، أي: مِن الذِّكْرِ والدُّعاءِ والرُّقِيِّ، "حتَّى قضَى طوَافَه"، أي: حتَّى انتهَى مِن سَعيِه بينَ الصَّفا والمَروَةِ، وكان سَعيُه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوةِ سَبعةَ أشواطٍ- كما بيَّنَتْه رواياتٌ أُخرى