موضع الطيب 10
سنن النسائي
أخبرنا حميد بن مسعدة، عن بشر يعني ابن المفضل، قال: حدثنا شعبة، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، قال: سألت ابن عمر عن الطيب عند الإحرام، فقال: لأن أطلي بالقطران أحب إلي من ذلك، فذكرت ذلك لعائشة فقالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن، لقد «كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيطوف في نسائه، ثم يصبح ينضح طيبا»
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُحِبُّ الطِّيبَ ويَستكثِرُ منه في كلِّ حالٍ، وهو مِن الأمورِ الَّتي حُبِّبَت إليه مِن الدُّنيا
وفي هذا الحديثِ تقولُ عائشةُ رَضِي اللهُ عَنها: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم إذا أرادَ أنْ يُحرِمَ"، أي: يَلبَسَ الإحرامَ لعُمرتِه أو حَجِّه، ويَنويَ ذلك، "ادَّهَنَ بأطيَبِ ما يَجِدُه"، أي: وضَع مِن الرَّوائحِ الطَّيِّبةِ أفضَلَ ما يَكونُ عندَه، وفي رِواياتٍ: أنَّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان يُفضِّلُ المِسكَ، وهو العِطرُ الَّذي يُؤخَذُ مِن بَعضِ دَمِ الغزَالِ وتفوحُ رِيحُه الطَّيَّبةُ، "حتَّى أرَى وَبيصَه"، أي: لَمَعانَ الطِّيبِ، "في رَأسِه ولِحيتِه"، أي: في شَعرِ رَأسِه وشَعرِ لِحيتِه، وهذا كِنايةٌ عن استِكثارِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن هذا الطِّيبِ
والمرادُ مِن تَطيُّبِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مع الإحرامِ هو ما كان قَبلَ الشُّروعِ في الإحرامِ؛ حتَّى يَبقَى به أثَرُ ذلك الطِّيبِ بعدَ إحرامِه، أمَّا بعد الدُّخولِ في النُّسُكِ، فلا يُشرَعُ للمُحرِمِ ابتداءُ التَّطيُّبِ