موضع الطيب 11
سنن النسائي
أخبرنا هناد بن السري، عن وكيع، عن مسعر، وسفيان، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، قال: سمعت ابن عمر، يقول: لأن أصبح مطليا بقطران، أحب إلي من أن أصبح محرما أنضح طيبا، فدخلت على عائشة فأخبرتها بقوله، فقالت: «طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطاف في نسائه، ثم أصبح محرما»
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُحِبُّ الطِّيبَ ويَستكثِرُ منه في كلِّ حالٍ، وهو مِن الأمورِ الَّتي حُبِّبَت إليه مِن الدُّنيا
وفي هذا الحديثِ تقولُ عائشةُ رَضِي اللهُ عَنها: "كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم إذا أرادَ أنْ يُحرِمَ"، أي: يَلبَسَ الإحرامَ لعُمرتِه أو حَجِّه، ويَنويَ ذلك، "ادَّهَنَ بأطيَبِ ما يَجِدُه"، أي: وضَع مِن الرَّوائحِ الطَّيِّبةِ أفضَلَ ما يَكونُ عندَه، وفي رِواياتٍ: أنَّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان يُفضِّلُ المِسكَ، وهو العِطرُ الَّذي يُؤخَذُ مِن بَعضِ دَمِ الغزَالِ وتفوحُ رِيحُه الطَّيَّبةُ، "حتَّى أرَى وَبيصَه"، أي: لَمَعانَ الطِّيبِ، "في رَأسِه ولِحيتِه"، أي: في شَعرِ رَأسِه وشَعرِ لِحيتِه، وهذا كِنايةٌ عن استِكثارِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن هذا الطِّيبِ
والمرادُ مِن تَطيُّبِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مع الإحرامِ هو ما كان قَبلَ الشُّروعِ في الإحرامِ؛ حتَّى يَبقَى به أثَرُ ذلك الطِّيبِ بعدَ إحرامِه، أمَّا بعد الدُّخولِ في النُّسُكِ، فلا يُشرَعُ للمُحرِمِ ابتداءُ التَّطيُّبِ