باب: إذا بويع لخليفتين
بطاقات دعوية
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما. (م 6/ 23
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحرِصُ على تَوضيحِ أُمورِ الدِّينِ والدُّنيا للمسْلِمين، وقد أمَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النَّاسَ أنْ يَلْزَمُوا السَّمْعَ والطاعةَ لولاةِ أُمورِهم؛ لِمَا في الخُروجِ عليهم مِنَ المَفاسِدِ الكَبيرةِ، وحَذَّرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن شَقِّ عَصا الطَّاعةِ ومُفارَقةِ الجَماعةِ، أو إلحاقِ الضَّررِ بالمسْلِمين.
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه إذا تمَّتِ الولايةُ لأحدٍ على المسْلِمين وأصبَحَ هو أميرَهم والحاكمَ عليهم، ثمَّ جاء آخَرُ يَدْعو لنَفسِه بالبيعةِ والخلافةِ مع وُجودِ الأوَّلِ، فإنَّه لا يُقبَلُ منه دَعوتُه وتُرفَضُ بَيعتُه، حتَّى لوْ لم يُمكِنْ دَفْعُه إلَّا بالمقاتَلةِ؛ لأنَّه لا يَجوزُ أنْ يكونَ للمسْلِمين إمامانِ؛ لأنَّه لوْ كان كذلكَ لَتَفرَّقَ أمرُ المسْلِمين ولَوقَعَت الفتنةُ بيْنهم، فلأجْلِ أنْ تَتَّفِقَ أُمورُ المسْلِمين لا يُشرَعُ لهم إلَّا إمامٌ واحدٌ. وفي حَديثٍ آخَرَ عندَ مُسلمٍ: «فمَنْ أرادَ أنْ يُفَرِّقَ أمْرَ هذه الأُمَّةِ وهيَ جَمِيعٌ، فاضْرِبوه بالسَّيفِ كائنًا مَن كان»، أي: سواءٌ كان ممَّن يَستحِقُّ الخلافةَ والولايةَ، أو ممَّن لا يَستحِقُّها، شَريفًا كان أو وَضيعًا، عالمًا كان أو جاهلًا، وإنْ كان ذا جاهٍ أو مَنصِبٍ أو صِيتٍ حَسنٍ، إذا تَحقَّقَ منه أنَّه خَرَج على الإمامِ دُونَ رُخصةٍ شَرعيَّةٍ.
وفي الحديثِ: أنَّ الأوَّلَ في البيعةِ هو الخَلِيفةُ.
وفيه: أنَّ مَن يُطالِبُ بالبَيْعةِ بعدَ البَيْعَةِ الأُولَى يُقْتَلُ على اعتبارِ خُروجِه على الإمامِ.
وفيه: حَثٌّ على مُلازَمةِ الجماعةِ.