باب الاستعفاف عن المسألة
بطاقات دعوية
عن الزبير بن العوام رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"لأن يأخذ أحدكم حبله (وفي رواية: أحبله 3/ 9) فيأتي بحزمة الحطب على ظهره، فيبيعها، فيكف الله بها وجهه؛ خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه"
كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَريصًا على تَربيةِ المؤمِنينَ على العِفَّةِ والاستِغناءِ عن الخلْقِ، والجِدِّيةِ والسَّعيِ وبَذْلِ المجهودِ لكَسْبِ الرِّزقِ الحَلالِ.
وفي هذا الحَديثِ يُقسِمُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ باللهِ الَّذي رُوحُه بيَدِه يُصرفُها كيف يَشاءُ -وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَثيرًا ما يُقسِمُ به- أنَّ العمَلَ مهْما كان نَوعُه فهو أفضَلُ مِن سُؤالِ النَّاسِ وإراقةِ ماءِ الوجْهِ لهم، وأنَّه مهْما يكُنْ شاقًّا عَنيفًا فهو أرحَمُ مِن مَذلَّةِ السُّؤالِ، فيقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَأَنْ يَأْخُذَ الواحِدُ منكم حَبْلًا، فيَجمَعَ به الحَطَب على ظَهْرِه فيَبيعُه ويَأكُلُ منه، أو يَتصدَّقُ به ويَستغنِي به عنِ الناسِ؛ خَيرٌ له مِن أنْ يَأتِيَ رجُلًا، فيَسْأَلَه، أعْطاهُ ما سَأَلَ أوْ مَنَعَه، والمرادُ أنَّ ما يَلحَقُ الإنسانَ بجَمْعِ الحطَبِ مِن التَّعَبِ خَيرٌ له ممَّا يَلحَقُه بالسُّؤالِ مِن الذُّلِّ والخِزْيِ؛ فعندَ الحاجةِ يَنْبغي تَرجيحُ الاكتِسابِ على السُّؤالِ، ولو كان بعمَلٍ شاقٍّ.
وفي الحَديثِ: التَّرغيبُ في السَّعيِ والعَملِ، وطَرْقِ الأسبابِ المشروعةِ لكَسْبِ الرِّزقِ بشَرفٍ وكَرامةٍ وعِزَّةِ نفْسٍ.
وفيه: مُحارَبةُ الإسلامِ للتَّسوُّلِ والبَطالةِ؛ ولذلك أوجَبَ السَّعيَ والعَملَ، ولو كان شاقًّا؛ كالاحتِطابِ مثلًا.
وفيه: مَشروعيَّةُ الحَلِفِ لتَقويةِ الأمْرِ، وتَأكيدِه.
وفيه: إثباتُ اليَدِ للهِ تعالَى على ما يَليقُ بجَلالهِ سُبحانَه دونَ تَكييفٍ أو تَمثيلٍ، ودونَ تَحريفٍ أو تَعطيلٍ.