باب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم22-2
سنن الترمذى
حدثنا هارون بن عبد الله البزاز البغدادي قال: حدثنا الفضل بن دكين قال: حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق فوافق ذلك عندي مالا، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما، قال: فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه: وسلم: «ما أبقيت لأهلك؟» قلت: مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال: «يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك؟» قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسبقه إلى شيء أبدا. هذا حديث حسن صحيح
كان الصَّحابةُ رِضْوانُ اللهِ علَيْهم يتَنافَسون في الخيراتِ ويتَسابَقون في الطَّاعاتِ.
وفي هذا الحديثِ: يَقولُ عُمرُ بنُ الخطَّابِ رَضِي اللهُ عَنه: "أمَرَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يومًا أن نتَصدَّقَ"، أي: نُنفِقَ في سَبيلِ اللهِ، "فوافَقَ ذلك مالًا عِنْدي"، أي: صادَف كلامُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وُجودَ مالٍ عِندي يُمكِنُ أن أتصَدَّقَ به، "فقلتُ: اليومَ أَسبِقُ أبا بكرٍ إن سبَقتُه يومًا"، أي: إن كان هُناك يومٌ يُمكِنُ أن أَسبِقَ فيه أبا بكرٍ رَضِي اللهُ عَنه فهو هذا اليومُ، "فجِئتُ بنِصْفِ مالي، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: ما أبقَيتَ لأهلِك؟ قلتُ: مِثلَه"، أي: أبقيتُ لهم نِصفَ المالِ، "قال: وأتَى أبو بكرٍ رَضِي اللهُ عَنه بكُلِّ ما عِندَه"، أي: مِن مالٍ وغيرِه، "فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: ما أبقَيتَ لأَهلِك؟ قال: أبقيتُ لهم اللهَ ورسولَه"، أي: وَكَلتُهم إلى اللهِ يَحفَظُهم، ورسولِه يَرْعاهم، وقيل: أبقَيتُ لهم أن يَرْضى اللهُ ورسولُه عَنْهم، "قلتُ"، أي: في نَفْسي: "لا أُسابِقُك إلى شيءٍ أبَدًا"، أي: مِن الفضائلِ والخيرِ؛ إذ لم أَقدِرْ أن أُسابِقَك وأنا أملِكُ وأقدِرُ، فكيف لي أن أُسابِقَك فيما أنا فيه أقلُّ مِنك.
وفي الحديثِ: فضلٌ ومنقبةٌ لأبي بكرٍ ولِعُمرَ رَضِي اللهُ عَنهما.