باب ذكر الحوض1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن بشر، حدثنا زكريا، حدثنا عطية
عن أبي سعيد الخدري، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن لي حوضا ما بين الكعبة وبيت المقدس، أبيض مثل اللبن، آنيته عدد النجوم، وإني لأكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة" (1)
تَفضَّلَ اللهُ سبحانه على نبيِّه محمَّدٍ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وأعطاه ما لم يُعْطِه لأحدٍ مِن الأنبياءِ قبْلَه، ومِن ذلك حَوْضُ الكوثَرِ، أو نهرُ الكوثَرِ في الآخِرةِ.
وفي هذا الحديثِ يَحكي أبو سعيدٍ الخُدريُّ رَضي اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: "إنَّ لي حوْضًا ما بين الكعبةِ، وبيتِ المقدِسِ"، أي: سَعتُه كالمسافَةِ بين مكَّةَ وبيتِ المقدِسِ، "أبيَضَ"، أي: ماؤُه، "مِثلَ اللَّبنِ"؛ وهذا مِن صَفائِه وحلاوَتِه، "آنيَتُه"، أي: أكوابُه، "عدَدُ النُّجومِ" أي: في كثْرتِها، وفي رِوايةِ مُسلِمٍ: "والذي نفْسُ مُحمَّدٍ بيدِه لآنيتُه أكثرُ مِن عددِ النُّجومِ"؛ فهذا يُفيدُ أنَّها أكثرُ عددًا مِن نُجومِ السَّماءِ.
ثُمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "وإنِّي لأكثَرُ الأنبياءِ تبَعًا يومَ القيامةِ"، أي: إنَّ أتْباعَه الَّذين آمَنوا به وصدَّقوه أكثرُ عددًا مِن أتْباعِ أيِّ نبيٍّ آخَرَ، ولعَلَّ اللهَ تفضَّلَ على نبِيِّه بذلكَ تَشريفًا وتَكريمًا، وتَفضَّل عَلى هذه الكَثرةِ؛ فكانتْ أنيةُ الحوضِ كَثيرةً تَكفيهم جَمِيعًا فيَشربونَ ويتَنعَّمُونَ، وهذا يُومِئُ أيضًا إلى أنَّ أتْباعَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أكثرُ مِن عَددِ نُجومِ السَّماءِ.
وفي الحديثِ: بيانُ مَكانةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عند ربِّه.