باب فى المرأة تسأل زوجها طلاق امرأة له
حدثنا القعنبى عن مالك عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ولتنكح فإنما لها ما قدر لها ».
لقد نظم الشرع أمور التعامل بين الناس في البيع والشراء، وأوضح أمورا لا بد منها؛ حتى لا يتنازع الناس فيما بينهم، وحتى تتم الصفقات بينهم وهي خالية من الجهالة أو الخداع أو الحرمة
وفي هذا الحديث نهى صلى الله عليه وسلم عن بعض أنواع المعاملات التي من شأنها أن تؤدي لوقوع الخلاف والتباغض والغش بين المسلمين؛ فنهى صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد -وهو الذي يسكن الصحراء- والمراد: أن يتولى الحضري بيع سلعة للبادي؛ وذلك بأن يأتي أحد أهل البادية ليبيع سلعته في إحدى القرى أو المدن، فيقول له أحد سكان هذه القرية أو المدينة: اتركها لي وأنا أبيعها لك بثمن أعلى، فيكون له سمسارا في البيع، وكذلك الأمر في شراء الحاضر للبادي، وعلة النهي: أن هذا أقرب إلى مصلحة الناس؛ فإذا باع الحاضر شدد على الناس، وأما البادي إذا باع بنفسه كان أرخص للناس. وأيضا قد يضر الحاضر البادي ويكون سببا في خداعه
ونهى صلى الله عليه وسلم عن النجش؛ وهو أن يزيد في ثمن السلعة وهو لا يرغب في شرائها؛ وإنما ليخدع غيره ويغره، والنهي عن ذلك لما فيه من الغش والتغرير بالناس وخداعهم.
وأيضا نهى أن يبيع الرجل على بيع أخيه، يعني: أن يقول لمن اشترى سلعة في زمن الخيار: افسخ لأبيع لك بأنقص في الثمن، ومثل ذلك الشراء على الشراء؛ كأن يقول للبائع: افسخ لأشتري منك بأزيد
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أيضا أن يخطب الرجل على خطبة أخيه المسلم، وصورته: أن يخطب رجل امرأة وتظهر الرضا، ويتفقا على مهر، ولم يبق إلا العقد، فيأتي آخر يخطبها ويزيد في المهر أو غير ذلك من وسائل الإغراء
ثم قال صلى الله عليه وسلم: «ولا تسأل المرأة طلاق أختها» والمراد بها أخوة الدين؛ «لتكفأ ما في إنائها»، يعني: لا تطلب المرأة من زوجها أن يطلق ضرتها؛ لتقلب ما في إناء أختها في إنائها، أي: لتستأثر بخير زوجها وحدها وتحرم غيرها نصيبها منه. وفي رواية أبي داود: «ولتنكح؛ فإنما لها ما قدر لها»، يعني: لا تقيد ذلك بطلاق المرأة الأخرى؛ فإما أن تقبل، وإما أن ترفض، ويحتمل المعنى: أنها لا تشترط هذا الشرط، ولتقبل الزواج به، والذي قدر الله عز وجل أن يكون لها، فإنه لا بد أن يصلها