باب فى سرعة السير والنهى عن التعريس فى الطريق
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « إذا سافرتم فى الخصب فأعطوا الإبل حقها وإذا سافرتم فى الجدب فأسرعوا السير فإذا أردتم التعريس فتنكبوا عن الطريق ».
الرِّفقُ في الأُمورِ كُلِّها مِن أهمِّ ما يَنبغِي للمُسلِمِ مُراعاتُه، والجَزاءُ عليه جَميلٌ ومَحمودٌ، وبِه يُدرِكُ الإنسانُ ما لا يُدرِكُه بالشِّدَّةِ، وقدْ أمَرَ الشَّرعُ الحَنيفُ بالرِّفقِ بالحيوانِ، وإعطائِه حقَّه منَ الرَّاحةِ والإطعامِ لِيَقوَى على السَّيرِ
وفي هذا الحديثِ يَأمرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَن خَرَج إلى السَّفرِ على الإبلِ والدَّوابِّ كالِبغالِ والحَميرِ في زَمَنِ الخِصْبِ -وهو وقتُ كَثْرةِ العُشْبِ- أنْ يُعطيَ تلكَ الدَّوابَّ حَظَّها منَ الرَّعيِ والرَّاحةِ والأكلِ في العُشبِ، ويكونُ ذلك بتَخفيفِ السَّيرِ والتَّباطُؤِ بها
وأمَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَن خَرَج إلى السَّفرِ على الدَّوابِّ في السَّنةِ -أي: في زَمنِ الجَدبِ وقِلَّةِ العُشبِ- أنْ يسْرِع السَّيرَ بها قبْلَ أنْ يُصيبَها الجَهدُ، حتَّى تَصِلَ بكم حيثُ تُريدونَ وفيها بَقيَّةٌ من قُوَّة؛ فإنَّكم إنْ أبطأْتُم بها السَّيرَ رُبَّما كَلَّت في الطَّريقِ وضَعُفَتْ عن مُواصلَةِ السَّيرِ واستكمالِه، وهذا بخِلافِ مَعنى الرِّفقِ بها؛ لأنَّه إنَّما شُرِعَ الرِّفقُ مع وُجودِ الخِصبِ والأمانِ، وعَدَمِ الأسبابِ المُوجِبةِ لِلتَّعجيلِ والإسراعِ
وأَرْشَدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المسافِرَ فقال: «وإذا عَرَّستُم» أي: أَردتُم الرَّاحةَ والنَّومَ باللَّيلِ، فلا تَناموا على الطَّريقِ؛ لأنَّ الطريقَ المسلوكةَ مذلَّلة ومُمَهَّدَةٌ؛ فيَسهُلُ مَشيُ الهوامِّ عليها، وربما قَصدَتْها الهوامُّ لالتِقاطِ ما قدْ يَسقُطُ عليها مِنَ الأطعمَةِ، فإذا نام المسافِرُ في الطَّريقِ تَعرَّضَ لأذَى تلك الهوامِّ
وفي الحديثِ: حِرصُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على أُمَّتِه، وأنَّه رَحيمٌ بهم
وفيه: رَحمتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورفقُه بالدَّوابِّ والحيوانِ كذلك